الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : قد ذكرنا حكم القتيل في معترك المشركين ، وسواء قتل بالحديد أو بحجر المنجنيق ، أو رفس حيوان ، أو تردي من جبل ، أو سقط في بئر ، أو عصر في زحم ، على أي حال كان ، أو مات بين الصفين بسبب من مشرك أو غيره فهو قتل شهادة لا يغسل ولا يصلى عليه ، إلا أن يموت بين الصفين حتف أنفه فهو كغيره من موتى المسلمين يغسل ويكفن ويصلى عليه ، فأما من جرح في حرب ثم خلص حيا فمات من جراحته والحرب قائمة ، أو [ ص: 36 ] مات بعد تقضي الحرب بزمان قريب لم يغسل ولم يصل عليه كالقتيل في المعترك ، سواء أكل الطعام أم لا ، وإن مات بعد تقضي الحرب وانكشافها بزمان بعيد غسل وصلي عليه . وقال أبو حنيفة : إن مات قبل أكل الطعام لم يغسل ، وإن كان بعد أكل الطعام غسل ، والاعتبار بقرب الزمان وبعده .

                                                                                                                                            والدلالة عليه ما روي أن عبيدة بن الحارث أصيبت رجله ببدر فحمل وعاش حتى مات بالصفراء ، فغسله النبي صلى الله عليه وسلم وصلى عليه فلو أسر المشركون رجلا وقتلوه بأيديهم صبرا ففي غسله والصلاة عليه وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : يغسل ويصلى عليه كالجريح إذا خلص حيا ومات ؛ لأن خروج روحه في غير المعترك .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : لا يغسل ولا يصلى عليه لأنه قتل ظلما بيد مشرك حربي كالقتيل في المعترك ، فأما من مات شهيدا بغرق أو حرق أو تحت هدم أو قتل غيلة أو قتله اللصوص وقطاع الطريق فكل هؤلاء يغسلون ويصلى عليهم ، فقد قتل عمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم شهداء فغسلوا وصلي عليهم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية