الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      سادسها - إذا فرعنا على تقديم التعدية ، فتعارضت علتان متعديتان ، وفروع إحداهما أكثر من فروع الأخرى ، يقدم ما مجال تعديه أكثر لكثرة الفائدة قاله الأستاذ أبو منصور ، وزيفه في المنخول " وقال ابن دقيق العيد : فيه نظر وكلام إمام الحرمين يقتضي أن لا ترجيح فيها ، ثم قال : ومن اعتقد أن كثرة الفروع تقتضي الترجيح ، فلو كثرت فروع علة وقلت فروع أخرى ، ولكن القليلة الفروع اعتضدت بنظائر تضاهي في عدتها فروع العلة الكثيرة كانت كثيرة النظائر في مقابلة كثيرة الفروع ثم مثلها بعلتي الشافعي وأبي حنيفة في إيجاب الكفارة في الجماع ، فالعلة عند الشافعي وطء المرأة في قبلها ، وفروعه قليلة ، وهي الإتيان في الدبر ، وإتيان البهيمة ، لكن نظائره كثيرة فإن الشرع رتب الأحكام على الوطء ، كالإحلال والإحصان والحد وإفساد الحج وغير ذلك والعلة عند أبي حنيفة إفساد الصوم ، وفروعها كثيرة ، وهي الأكل والشرب وكل سبب يفسد به الصوم ، وأسباب فساد الصوم واسعة ثم تكلم الإمام على هذا المثال بما يبطل اندراجه تحت القاعدة فقال : النظائر المذكورة لا اعتبار بها ألبتة ، وليست كالنظائر التي اعتد بها في الأشباه ، كضرب العقل القليل اعتبارا بضرب حصص الشركاء ، لأن ذلك في غير الحكم المطلوب ، وهذه الأحكام المرتبة على الوطء نائبة عن إيجاب [ ص: 213 ] الكفارة لا يجمع بينها وبين الحكم المنظر إلا اسم الحكم ولقبه خاصة ، وهذا الذي قاله الإمام صحيح ، فإنا لو اعتبرنا الاشتراك في عموم الحكم للزم أن يكون حكمه ملائما ، ولاستحال الغريب ثم حكي عن جماعة من أصحابنا أنه إذا كانت إحداهما أكثر فروعا ، والأخرى مطبقة على الأصل والفرع بلا تأويل ، والكثيرة الفروع تحتاج إلى تأويل في بعض مجاريها ، فهذا نقص من جريانها ، ويقدح في الترجيح بكثرة فروعها ، كاعتبارنا في القرابة المقتضية للنفقة ، والعتق بالتعصيب ، وهذا يجري في الأصول والفروع على انطباق واعتبر أبو حنيفة الرحم والمحرمية وفروع علته وإن كانت مركبة أكثر ، فإنما تتناول الأصل والفرع ، غير أن الرحم والمحرمية لا يجريان إلا على تأويل من الذكرين والأنثى ، وهو من ركيك الكلام .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية