الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فإن قيل : فكيف تصنعون في رواية همام عن قتادة في هذا الحديث " : ويدمى " قال همام : سئل قتادة عن قوله : و " يدمى " كيف يصنع بالدم ؟ فقال : إذا ذبحت العقيقة أخذت منها صوفة ، واستقبلت بها أوداجها ، ثم توضع على يافوخ الصبي حتى تسيل على رأسه مثل الخيط ثم يغسل رأسه بعد ويحلق .

قيل : اختلف الناس في ذلك فمن قائل : هذا من رواية الحسن عن سمرة ، ولا يصح سماعه عنه ، ومن قائل : سماع الحسن عن سمرة حديث العقيقة هذا صحيح ، صححه الترمذي وغيره ، وقد ذكره البخاري في " صحيحه " عن حبيب بن الشهيد ، قال : قال لي محمد بن سيرين : اذهب فسل الحسن ممن سمع حديث العقيقة ؟ فسأله ، فقال : سمعته من سمرة .

ثم اختلف في التدمية بعد ، هل هي صحيحة أو غلط ؟ على قولين . فقال أبو داود في " سننه " : هي وهم من همام بن يحيى . وقوله ويدمى ، إنما هو " ويسمى " وقال غيره : كان في لسان همام لثغة فقال : " ويدمى " وإنما أراد أن يسمى ، وهذا لا يصح ، فإن هماما وإن كان وهم في اللفظ ولم يقمه لسانه ، فقد حكى عن قتادة صفة التدمية وأنه سئل عنها ، فأجاب بذلك ، وهذا لا تحتمله اللثغة بوجه . فإن كان لفظ التدمية هنا وهما ، فهو من قتادة ، أو من الحسن ، والذين أثبتوا لفظ التدمية قالوا : إنه من سنة العقيقة ، وهذا مروي عن الحسن وقتادة ، والذين منعوا التدمية كمالك ، والشافعي ، وأحمد وإسحاق ، قالوا : " ويدمى " غلط ، وإنما هو " ويسمى " قالوا : وهذا كان من عمل أهل الجاهلية ، فأبطله الإسلام بدليل ما رواه أبو داود ، عن بريدة بن الحصيب قال : ( كنا في الجاهلية إذا ولد لأحدنا غلام ذبح شاة ، ولطخ رأسه بدمها ، فلما جاء الله بالإسلام كنا نذبح [ ص: 299 ] شاة ، ونحلق رأسه ، ونلطخه بزعفران ) .

قالوا : وهذا وإن كان في إسناده الحسين بن واقد ، ولا يحتج به ، فإذا انضاف إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( أميطوا عنه الأذى ) ، والدم أذى ، فكيف يأمرهم أن يلطخوه بالأذى ؟

قالوا : ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم عق عن الحسن والحسين بكبش كبش ، ولم يدمهما ، ولا كان ذلك من هديه وهدي أصحابه قالوا : وكيف يكون من سنته تنجيس رأس المولود ، وأين لهذا شاهد ، ونظير في سنته ، وإنما يليق هذا بأهل الجاهلية .

التالي السابق


الخدمات العلمية