الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ولو دفع نخلا له معاملة بالنصف ثم بدا للعامل أن يترك العمل أو يسافر فإنه يجبر على العمل ، أما إذا بدا له ترك العمل ; فلأن في إيفاء العقد لا يلحقه ضرر لم يلتزمه بالعقد ; لأنه التزم بالعقد إقامة العمل ، ولا يلحقه سوى ذلك ، وأما في السفر فقد ذكر في غير هذا الموضع أن ذلك عذر له ; لأن بالامتناع يلحقه ضرر لم يلتزمه بالعقد وفيما ذكر هنا لا يكون عذرا له ; لأنه يتعلل بالسفر ليمتنع من إقامة العمل الذي التزمه بالعقد ، وقيل : إنما اختلف الجواب لاختلاف الموضوع ، فهناك وضع المسألة فيما إذا شرط عليه إقامة العمل بيده ، وبعد السفر لا يتمكن من ذلك ، ولا يجوز أن يحول بينه وبين سفر يبتلى به في المدة لما في ذلك من الضرر عليه ، وهنا وضع المسألة فيما إذا لم يشترط عليه العمل بيده ، فهو متمكن من إقامة العمل بأجرائه وأعوانه وغلمانه بعد السفر بنفسه ، فلا يكون ذلك عذرا له في الفسخ ، وكذلك إن بدا لصاحب النخيل أن يمنع العامل منه ويعمل بنفسه ، أو يدفعه إلى عامل آخر ، فذلك لا يكون عذرا له في الفسخ بخلاف من البذر من قبله في باب المزارعة ; لأن هناك هو يحتاج إلى إتلاف بذره بالإلقاء في الأرض ، وهنا رب النخيل لا يحتاج إلى ذلك فيكون العقد لازما من جانبه بنفسه كما في جانب العامل ، وإنما العذر من جانبه أن يلحقه دين فادح لا وفاء عنده إلا من ثمن النخل ، فإذا حبس فيه كان ذلك عذرا له في فسخ المعاملة للبيع في الدين كما بينا في الأرض والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية