الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ولو دفع رجل نخلا أو شجرا أو كرما معاملة بالنصف ولم يسم الوقت - جاز استحسانا على أول ثمرة تخرج في أول سنة . وفي القياس لا يجوز ; لأن هذا استئجار للعامل وبهذا لا يصير المعقود عليه معلوما إلا ببيان المدة ، فإذا لم يبينا لا يجوز العقد كما في المزارعة . ووجه الاستحسان أن لإدراك الثمر أوانا معلوما في العادة ، ونحن نتيقن أن إيفاء العقد مقصود هنا إلى إدراك الثمار ، والثابت بالعادة كالثابت بالشرط فصارت المدة معلومة ، وإن تقدم ، أو تأخر فذلك يسير لا يقع بسببه منازعة بينهما في العادة ، بخلاف المزارعة فإن آخر المدة هناك مجهول لجهالة أولها ; لأن ما يزرع في الخريف يدرك في آخر الربيع ، وما يزرع في الربيع يدرك في آخر الصيف ، وما يزرع في الصيف يدرك في آخر الخريف ، فلجهالة وقت ابتداء عمل المزارعة يصير وقت النهاية مجهولا ، وهذه الجهالة تفضي إلى المنازعة بينهما ; فلهذا لا يجوز العقد ببيان المدة . ثم في المعاملة يتيقن أن العقد تناول أول ثمره وفيما وراء ذلك شك فلا يثبت إلا المتيقن ، وإذا لم يخرج ثمره في تلك السنة انتقضت المعاملة ; لأن العقد لا يتناول إلا ذلك القدر من المدة ، فكأنهما نصا على ذلك . ولو دفع إليه أصول رطبة ثابتة في الأرض معاملة ولم يسم الوقت - فهو فاسد ; لأن الرطبة ليس لها غاية ينتهي إليها نموها ، ولكنها تنمو ما تركت في الأرض ، بخلاف الثمار فإن لها غاية تنتهي إليها ، فإذا تركت بعد ذلك تفسد ، فإن كانت للرطبة غاية معلومة تنتهي إليها في نباتها حتى تقطع ثم تخرج بعد ذلك - فهذه معاملة جائزة ، والمعاملة في ذلك على أول جزء كما في الثمار ، وكل شيء من هذا أخرنا فليس لواحد منهما أن ينقض المعاملة إلا من عذر ; لأن المعلوم بالعادة من المدة لما جعل كالمشروط لها في جواز العقد ، فكذلك في لزومه

التالي السابق


الخدمات العلمية