الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ثم بدأ الكتاب فقال : قال أبو حنيفة رحمه الله : القتل على ثلاثة أوجه عمد وخطأ وشبه العمد ، والمراد به بيان أنواع القتل بغير حق فيما يتعلق به من الأحكام كان أبو بكر الرازي يقول : القتل على خمسة أوجه : عمد وشبه عمد ، وخطأ وما أجري مجرى الخطأ وما ليس بعمد ولا خطأ ولا أجري مجرى الخطأ

أما العمد فهو ما تعمدت ضربه بسلاح ; لأن العمد هو القتل ، وقصد إزهاق الحياة ، وهي غير محسوسة لقصد أخذها فيكون القصد إلى إزهاق الحياة بالضرب بالسلاح الذي هو جارح عامل في الظاهر ، والباطن جميعا ثم المتعلق بهذا الفعل أحكام منها : المأثم وذلك منصوص عليه في قوله { ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا [ ص: 60 ] فيها } الآية .

ومنها القصاص وهو ثابت في قوله تعالى { وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس } وما أخبر الله تعالى أنه كتبه على من قبلنا فهو مكتوب علينا ما لم يقم دليل النسخ فيه ، وقد نص على أنه مكتوب علينا فقال : { كتب عليكم القصاص في القتلى } ثم بين وجه الحكمة فيه بقوله : { ولكم في القصاص حياة } ، وفيه معنيان أحدهما : أنه حياة بطريق الزجر ; لأن من قصد قتل عدوه فإذا تفكر في عاقبة أمره أنه إذا قتله قتل به انزجر عن قتله فكان حياة لهما .

والثاني : أنه حياة بطريق دفع سبب الهلاك فإن القاتل بغير حق يصير حربا على أولياء القتيل خوفا على نفسه منهم فهو يقصد إفناءهم ; لإزالة الخوف عن نفسه ، والشرع مكنهم من قتله قصاصا لدفع شره عن أنفسهم ، وإحياء الحي في دفع سبب الهلاك عنه ، وقال : عليه الصلاة والسلام { العمد قود } أي موجبه القود فإن نفس العمد لا يكون قودا ، وقال : صلوات الله عليه وسلامه { كتاب الله القصاص } أي حكم الله ، والقصاص عبارة عن المساواة ، وفي حقيقة اللغة هو اتباع الأثر قال الله تعالى { وقالت لأخته قصيه } واتباع أثر الشيء في الإتيان بمثله ، فجعل عبارة عن المساواة لذلك .

ومن حكمه : حرمان الميراث ثبت ذلك بقوله : عليه الصلاة والسلام { لا ميراث لقاتل بعد صاحب البقرة } ، وفي رواية { لا شيء للقاتل } أي من الميراث .

التالي السابق


الخدمات العلمية