الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 4149 ) فصل : وإن اشترك ثلاثة ، من أحدهم الأرض ، ومن الآخر البذر ، ومن الآخر البقر والعمل ، على أن ما رزق الله بينهم فعملوا ، فهذا عقد فاسد ، نص عليه في رواية أبي داود ، ومهنا ، وأحمد بن القاسم ، وذكر حديث مجاهد { ، في أربعة اشتركوا في زرع على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أحدهم : علي الفدان . وقال الآخر : قبلي الأرض . وقال الآخر : قبلي البذر . وقال الآخر : قبلي العمل . فجعل النبي صلى الله عليه وسلم الزرع لصاحب البذر ، وألغى صاحب الأرض ، وجعل لصاحب العمل كل يوم درهما ، ولصاحب الفدان شيئا معلوما } .

                                                                                                                                            فقال أحمد : لا يصح ، والعمل على غيره . وذكر هذا الحديث سعيد بن منصور ، عن الوليد بن مسلم ، عن الأوزاعي ، وعن واصل بن أبي جميل ، عن مجاهد ، وقال في آخره : فحدثت به مكحولا ، فقال : ما يسرني بهذا الحديث وصيفا . وحكم هذه المسألة حكم المسألة التي ذكرناها في صدر الفصل ، وهما فاسدان ; لأن موضوع المزارعة على أن البذر من رب الأرض ، أو من العامل ، وليس هو ها هنا من واحد منهما

                                                                                                                                            وليست شركة ; لأن الشركة تكون بالأثمان ، وإن كانت بالعروض ، اعتبر كونها معلومة ، ولم يوجد شيء من ذلك ها هنا . وليست إجارة ; لأن الإجارة تفتقر إلى مدة معلومة ، وعوض معلوم . وبهذا قال مالك ، والشافعي ، وأصحاب الرأي . فعلى هذا يكون الزرع لصاحب البذر ; لأنه نماء ماله ، ولصاحبيه عليه أجر مثلهما ; لأنهما دخلا على أن يسلم لهما المسمى ، فإذا لم يسلم ، عاد إلى بدله . وبهذا قال الشافعي ، وأبو ثور . وقال أصحاب الرأي : يتصدق بالفضل . والصحيح أن النماء لصاحب البذر ، ولا تلزمه الصدقة به ، كسائر ماله

                                                                                                                                            ولو كانت الأرض لثلاثة ، فاشتركوا على أن يزرعوها ببذرهم ودوابهم وأعوانهم ، على أن ما أخرج الله بينهم على قدر مالهم ، فهو جائز . وبهذا قال مالك ، والشافعي ، وأبو ثور ، وابن المنذر . ولا نعلم فيه خلافا ; لأن أحدهم لا يفضل صاحبيه بشيء .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية