الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا نوى صوم التطوع نهارا على الوجه الجائز فهل يحتسب له صوم جميع اليوم ويحكم له بثواب سائره أم لا ؟ على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : وهو قول جمهور أصحابنا يحتسب له صوم جميع اليوم ، ويحكم له بثواب سائره .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : وهو قول أبي إسحاق يحتسب له من وقت نيته ، وما بعده دون ما تقدمه ويحكم له من الثواب بقدر ذلك ، قال : لأن العبادات كلها مبنية على إثبات النية في ابتدائها فلو حكم له بصوم جميع اليوم ، إذا نوى في بعضه لتأخرت نيته عن ابتداء العبادة ، وذلك خلاف الأصول وهذا الذي قاله أبو إسحاق غلط ، والوجه الأول أصح ؛ لأن الصوم لا يتبعض ، ويمتنع أن يكون الرجل صائما في بعض نهاره مفطرا في بعضه ؛ لأنه لو أكل في أول النهار ثم نوى أن يصوم بقية نهاره لم يصح ، لامتناع تبعيض الصوم وتفريق اليوم ، وإذا كان ذلك ممتنعا وقد حكم له بصوم بعض اليوم وجب أن يحكم له بجميعه ، ألا ترى أن زمان الليل لما كان منافيا للصوم صح فيه اجتماع الأكل والنية لصوم الغد ، ولما كان زمان النهار غير مناف للصوم ، لم يصح فيه اجتماع الأداء والنية لصوم ما بعد ، وليس يمكن أن يدرك الرجل بعض العبادة ويحكم له بإدراك جميعها وثواب سائرها ، كالمصلي يدرك الإمام راكعا فيحتسب له بجميع الركعة ، وثواب سائرها ، وإن كان مدركا لبعضها ، وكذلك الصيام والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية