الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : قال الشافعي في كتاب " الأم " : " فإذا قدم من سفره ، ولم يكن أكل ولا شرب ولا نوى الصوم وكان على نية الفطر ، فلم يفطر حتى قدم فله أن يأكل ، ولا يلزمه الإمساك ، ولو أمسك كان أولى " وإنما لم يلزمه الإمساك ؛ لأنه قد أفطر بترك النية ، وإن لم يأكل فصار بمثابة [ ص: 448 ] من أفطر بالأكل فأما إذا نوى الصوم في سفره ، ثم قدم ناويا فهل يلزمه إتمام صومه أم لا ؟ على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : وهو قول أبي إسحاق المروزي يلزمه إتمام صومه ، ولا يجوز له الفطر ؛ لأن زوال السفر قد رفع حكم الإباحة كالمسافر إذا نوى القصر ، ثم أقام لزمه الإتمام .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة وقد نص عليه الشافعي ، في حرملة ، أنه على خياره إن شاء صام ، وإن شاء أفطر ؛ لأن حكم اليوم معتبر بأوله لا تراه لو نوى الصوم مقيما ، ثم سافر لم يجز له أن يفطر اعتبارا بحكم أوله ، فكذلك إذا نوى الصوم مسافرا ، ثم أقام فله أن يفطر اعتبارا بحكم أول اليوم ، فلو نوى الصوم في السفر ثم أراد أن يفطر في سفره فله ذلك ، ولو نوى إتمام الصلاة ثم أراد القصر لم يجز له والفرق بينهما أن الفطر يضمن بالقضاء وعذر الإفطار قائم بدوام السفر ، وليس كذلك القصر ؛ لأنه لا يضمن بالقضاء ، وقد ضمن الإتمام على نفسه فلهذا المعنى فصل بينهما .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية