الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          باب العفو عن القصاص . والواجب بقتل العمد أحد شيئين : القصاص ، أو الدية في ظاهر المذهب والخيرة فيه إلى الولي إن شاء اقتص ، وإن شاء أخذ الدية ، وإن شاء عفا إلى غير شيء . والعفو أفضل ، فإن اختار القصاص فله العفو على الدية . وإن اختار الدية سقط القصاص ولم يملك طلبه ، وعنه : أن الواجب القصاص عينا ، وله العفو إلى الدية ، وإن سخط الجاني ، فإن عفا مطلقا ، وقلنا الواجب أحد شيئين فله الدية . وإن قلنا : الواجب القصاص عينا ، فلا شيء له . وإن مات القاتل وجبت الدية في تركته .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          باب

                                                                                                                          العفو عن القصاص

                                                                                                                          أجمعوا على جواز العفو عن القصاص ، وهو أفضل ، وسنده قوله تعالى : فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان [ البقرة : 178 ] والعفو المحو والتجاوز ، والهاء في " له " و " أخيه " " من " ، وهو القاتل ، ويكون القتيل ، أو الولي على هذا أخا للقاتل من حيث الدين والصحبة ، وإن لم يكن بينهما نسب . ونكر " شيئا " للإيذان بأنه إذا عفا له عن بعض الدم ، أو عفا [ ص: 297 ] بعض الورثة سقط القصاص ووجبت الدية ، فيكون العفو على هذا بمعنى الإسقاط " ذلك " أي : المذكور من العفو وأخذ الدية تخفيف من ربكم ورحمة ; لأن القصاص كان حتما على اليهود وحرم عليهم العفو والدية ، وكانت الدية حتما على النصارى ، وحرم عليهم القصاص ، فخيرت هذه الأمة بين القصاص وأخذ الدية والعفو تخفيفا ورحمة ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يرفع إليه أمر فيه القصاص إلا أمر فيه بالعفو . رواه الخمسة إلا الترمذي من حديث أنس ، والقياس يقتضيه ; لأن القصاص حق له فجاز تركه كسائر الحقوق .

                                                                                                                          ( والواجب بقتل العمد أحد شيئين القصاص ، أو الدية في ظاهر المذهب ) هذا قول الجماعة لقوله تعالى : فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان أوجب الاتباع بمجرد العفو ، ولو وجب بالعمد القصاص عينا لم تجب الدية عند العفو المطلق ( والخيرة فيه إلى الولي إن شاء اقتص ، وإن شاء أخذ الدية ، وإن شاء عفا إلى غير شيء ) وإن شاء قتل البعض إذا كان القاتلون جماعة ، ولا يسقط القصاص عن البعض بالعفو عن البعض ، فمتى اختار الأولياء الدية من القاتل ، أو من بعض القتلة كان لهم ذلك من غير رضا الجاني لقول ابن عباس : كان في بني إسرائيل القصاص ، ولم تكن فيهم الدية فأنزل الله تعالى هذه الآية كتب عليكم القصاص في القتلى [ البقرة : 178 ] الآية . رواه البخاري ، وعن أبي هريرة مرفوعا من قتل له قتيل ، فهو بخير النظرين إما أن يفدي وإما أن يقتل متفق عليه ، وعن أبي شريح الخزاعي ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من أصيب بدم [ ص: 298 ] أو خبل - والخبل الجراح - فهو بالخيار بين إحدى ثلاث : إما أن يقتص ، أو يأخذ العقل ، أو يعفو ، فإن أراد رابعة فخذوا على يديه رواه أحمد ، ، وأبو داود ، ، وابن ماجه من رواية سفيان بن أبي العوجاء ، وفيه ضعف ، ولأن له أن يختار أيهما شاء ، فكان الواجب أحدهما كالهدي ، والطعام في جزاء الصيد ( والعفو ) مجانا ( أفضل ) لقوله تعالى : فمن تصدق به فهو كفارة له [ المائدة : 45 ] ولقوله تعالى : فمن عفا وأصلح فأجره على الله [ الشورى : 40 ] وكان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر به ، ثم لا عقوبة على جان ; لأنه إنما عليه حق واحد ، وقد سقط كعفو عن دية قاتل خطأ ، ذكره المؤلف وغيره ، قال الشيخ تقي الدين : العدل نوعان : أحدهما : هو الغاية ، وهو العدل بين الناس ، والثاني : ما يكون الإحسان أفضل منه ، وهو عدل الإنسان بينه وبين خصمه من الدم ، والمال ، والعرض ، فإن استيفاء حقه عدل ، والعفو إحسان ، والإحسان هنا أفضل ، لكن هذا الإحسان لا يكون إحسانا إلا بعد العدل ، وهو ألا يحصل بالعفو ضرر ، فإذا حصل منه ضرر كان ظلما من العافي إما لنفسه وإما لغيره ، فلا يشرع ، ومحله : ما لم يكن كمجنون ، أو صغير ، فإنه لا يصح العفو إلى غير مال ; لأنه لا يملك إسقاط حقه .

                                                                                                                          فرع : يصح بلفظ الصدقة ، والإسقاط كالعفو ; لأنه إسقاط للحق بكل لفظ يؤدي معناه .

                                                                                                                          ( فإن اختار القصاص فله العفو على الدية ) لما فيه من المصلحة له وللجاني ، أما أولا فلما في العفو عن القصاص من الفضيلة ، وأما ثانيا فلما فيه من سقوط القصاص عنه وله الصلح على أكثر من الدية في الأصح ، وخرج ابن عقيل [ ص: 299 ] في غير الصلح ، لا يجب شيء كطلاق من أسلم وتحته فوق أربع قيل له في " الانتصار " لو كان المال بدل النفس في العمد لم يجز الصلح على أكثر من الدية ، فقال : كذا نقول على رواية ، يجب أحد شيئين . اختاره بعض المتأخرين ( وإن اختار الدية ) تعينت ( سقط القصاص ) لأن من وجب له أحد شيئين يتعين حقه باختيار أحدهما ، قال أحمد : إذا أخذ الدية فقد عفا عن الدم ( ولم يملك طلبه ) لأن القصاص إذا سقط لا يعود ، فلو قتله بعد أخذ الدية قتل به ( وعنه : أن الواجب القصاص عينا ) لقوله تعالى : كتب عليكم القصاص في القتلى والمكتوب لا يتخير فيه ، ولقوله - عليه السلام - من قتل عمدا ، فهو قود ولأنه بدل متلف ، فكان معينا كسائر المتلفات ، وجوابه : بأن قوله " فهو قود " المراد به وجوب القود ، وهو محل وفاق ، والفرق بينه وبين المتلفات متحقق ; لأن بدلها يختلف بالقصد وعدمه ، بخلاف القتل ( وله العفو إلى الدية ، وإن سخط الجاني ) لأن الدية أقل منه ، فكان له أن ينتقل إليها ; لأنها أقل من حقه ، وعنه : موجبه القود عينا مع التخيير بينه وبين الدية ، وعنه : موجبه القود عينا ، وليس له العفو على الدية بدون رضا الجاني ، فيكون قوده بحاله وله الصلح بأكثر ( فإن عفا مطلقا ، وقلنا الواجب أحد شيئين فله الدية ) على الأولى خاصة ; لأن الواجب أحدهما ، فإذا ترك أحدهما تعين الآخر ، وإن هلك الجاني تعينت في ماله كتعذره في طرفه ، وقيل : تسقط بموته ، وعنه : ينتقل الحق إذا قتل إلى القاتل الثاني ، فيخير أولياء القتيل الأول بين قتله والعفو ، واختار الشيخ تقي الدين أنه لا يصح العفو في قتل الغيلة لتعذر الاحتراز [ ص: 300 ] كالقتل مكابرة ، وذكر القاضي وجها في قاتل الأئمة يقتل حدا ; لأن فساده عام أعظم من محارب ( وإن قلنا : الواجب القصاص عينا ، فلا شيء له ) لأن الدية غير واجبة ، فإذا سقط الدم لم يبق له شيء ، وإن اختار القود تعين ، قال القاضي : وله الرجوع إلى المال ; لأن الدية أدنى ، ولهذا قلنا : له المطالبة بها ، وإن كان القود واجبا عينا ، وقيل : ليس له ذلك ; لأنه تركها كما لو عفا عنها ( وإن مات القاتل ) أو قتل ( وجبت الدية في تركته ) لأنه تعذر استيفاء القود من غير إسقاط فوجبت الدية في تركته كقتل غير المكافئ ، وقيل : إن قلنا : الواجب أحد شيئين فكذلك ، وإن قلنا : الواجب القود فوجهان .



                                                                                                                          فرع : إذا جنى عبد على حر بما يوجب قودا فاشتراه بأرشها المقدر بذهب ، أو فضة صح وسقط القود ; لأن شراءه بالأرش اختيار للمال وإن قدر بإبل فلا ; لأن صفتها مجهولة .

                                                                                                                          أصل : يصح عفو السفيه ، والمفلس عن القود ; لأنه ليس بمال ، فإن عفا إلى مال ثبت ، وإن كان إلى غير مال ، وقلنا : الواجب أحد شيئين ، ثبت المال ; لأنه واجب ، وليس لهما إسقاطه ، وإن قلنا : الواجب القود عينا صح عفوهما ; لأنه لم يجب إلا القود ، وقد أسقطاه ، ذكره في " الكافي " ، ولو رمى من له قتله قودا ، ثم عفا عنه فأصابه السهم فهدر ، قاله في " الرعاية " وإذا قطع إصبعا عمدا فعفا عنه ، ثم سرت جنايته إلى الكف ، أو النفس ، وكان العفو على مال فله تمام الدية ، وإن عفا على غير مال ، فلا شيء له على ظاهر كلامه . ويحتمل أن له تمام الدية ، وإن عفا مطلقا انبنى على الروايتين في موجب العمد ، وإن قال الجاني : عفوت مطلقا ، أو عفوت عنها ، وعن سرايتها ، قال : بل عفوت إلى مال ، أو عفوت عنها دون سرايتها ، فالقول قوله مع يمينه ، وإن قتل الجاني العافي فلوليه القصاص ، أو الدية كاملة ، وقال القاضي : له القصاص ، أو تمام الدية ، وإذا وكل رجلا في القصاص ، ثم عفا ، ولم يعلم الوكيل حتى اقتص ، فلا شيء عليه ، وهل يضمن العافي ؛ يحتمل وجهين . ويتخرج : أن يضمن الوكيل ويرجع به على الموكل في أحد الوجهين ; لأنه غره ، والآخر لا يرجع به ويكون الواجب حالا في ماله ، وقال أبو الخطاب : يكون على عاقلته ، وإن عفا عن قاتله بعد الجرح صح . ( وإذا قطع إصبعا عمدا فعفا عنه ، ثم سرت جنايته إلى الكف ، أو النفس ، وكان العفو على مال فله تمام الدية ) أي : دية ما سرت إليه ( وإن عفا على غير مال ، فلا شيء له على ظاهر كلامه ) نقول : إذا جنى جناية توجب قودا فيما دون النفس كالإصبع [ ص: 301 ] فعفي عنها ، ثم سرت إلى النفس ، فلا قود فيها ، وقاله الأكثر ; لأن القود لا يتبعض ، وقد سقط في البعض فسقط في الكل ، وإن كانت لا توجب قودا كالجائفة وجب القود في النفس ; لأنه عفا عن القود فيما لا قود فيه ، فلم يؤثر عفوه ، فإن كان عفوه على مال فله الدية كاملة في الموضعين ; لأن كل موضع تعذر فيه القصاص تعينت الدية ، وإن عفا على غير مال ، فلا شيء له ; لأن العفو حصل عن الإصبع فوجب أن يحصل عن الذي سرى إليه ( ويحتمل أن له تمام الدية ) وصححه بعضهم ; لأن المجني عليه إنما عفا عن دية الإصبع فوجب أن يثبت له تمام الدية ضرورة كونه غير معفو عنه .

                                                                                                                          فرع : إذا عفا عن دية الجرح صح عفوه ; لأن ديته تجب بالجناية ، فعلى هذا تجب دية النفس ، لا دية الجرح ، وقال القاضي : ظاهر كلامه أنه لا يجب شيء ; لأن القطع غير مضمون ، فكذا سرايته ، والأول أولى ; لأن القطع موجب ، وإنما سقط الوجوب بالعفو فيختص السقوط بمحل العفو ( وإن عفا مطلقا انبنى على الروايتين في موجب العمد ) فإن قلنا : الواجب أحد شيئين ، فهو كما لو عفا على مال ، وإن قلنا : الواجب القصاص عمدا ، فهو كما لو عفا على غير مال ( وإن قال الجاني : عفوت مطلقا ، أو عفوت عنها ، وعن سرايتها ، قال : بل عفوت إلى مال ، أو عفوت عنها دون سرايتها ، فالقول قوله مع يمينه ) لأن الأصل معه ، وفي " الرعاية " إذا قال : لم أعف عن السراية ، ولا الدية ، بل عليها قبل قوله مع يمينه ، ولو دية كفه ، وقيل : دون إصبع ، وقيل : تهدر كفه بعفوه ، وإن سرت إلى نفسه .



                                                                                                                          ( وإن قتل الجاني العافي ) قبل البرء ( فلوليه [ ص: 302 ] القصاص ) في النفس ; لأن قتله انفرد عن قطعه ، أشبه ما لو كان القاطع غيره ( أو الدية كاملة ) قاله أبو الخطاب ، وجزم به في " الوجيز " ، وقدمه في " المحرر " ، و " الفروع " ; لأن القتل منفرد عن القطع ، فلم يدخل حكم أحدهما في الآخر ، ولأن القتل موجب له فأوجب الدية كاملة ، كما لو لم يتقدمه عفو ( وقال القاضي : له القصاص ، أو تمام الدية ) لأن القتل إذا تعقب الجناية قبل الاندمال صار بمنزلة سرايته ، ولو سرى لم يجب إلا تمام الدية ، فكذا فيما هو بمنزلته ، وهذا إن نقص مال العفو عنها وإلا فلا شيء له سواه ، ذكره في " المحرر " ( وإذا وكل رجلا في القصاص ) صح . نص عليه ، فلو وكله ، ثم غاب وعفا الموكل عن القصاص واستوفى الوكيل ، فإن كان عفوه بعد القتل لم يصح لأن حقه قد استوفي ، وإن كان قبله وقد علم الوكيل به فقد قتله ظلما فعليه القود كما لو قتله ابتداء ، وإن كان قبل العلم بعفو الموكل ، وهو المراد بقوله ( ثم عفا ، ولم يعلم الوكيل حتى اقتص ، فلا شيء عليه ) قاله أبو بكر ، وجزم به في " الوجيز " ; لأنه لا تفريط منه كما لو عفا بعد ما رماه ( وهل يضمن العافي ؛ ) وهو الموكل ( يحتمل وجهين ) أحدهما : لا ضمان عليه ، جزم به في " الوجيز " ، وقدمه في " الرعاية " ، و " الفروع " ; لأن عفوه لم يصح ; لأنه عفا في حال لا يمكنه تلافي ما وكل فيه كالعفو بعد رمي الحربة إلى الجاني ، ولأن العفو إحسان ، فلا يقتضي وجوب الضمان ، والثاني : بلى لأنه حصل بأمره على وجه ، لا ذنب للمباشر فيه كما لو أمر عبده الأعجمي بقتل معصوم ، وقيل : للمستحق تضمين من شاء منهما ، والقرار على العافي ، وقال جماعة : يخرج في صحة العفو [ ص: 303 ] وجهان بناء على الروايتين في الوكيل ، هل ينعزل بعزل الموكل قبل علمه ؛ فعلى الأول : لا ضمان على أحد ; لأنه قتل من يجب قتله بأمر يستحقه . وعلى الثاني ، وهو صحة العفو : لا قصاص فيه ; لأن الوكيل قتل من يعتقد إباحة قتله كالحربي ، ولكن تجب الدية عليه ، وقد نبه على ذلك بقوله ( ويتخرج أن يضمن الوكيل ) لأنه قتل معصوما ( ويرجع به على الموكل في أحد الوجهين ; لأنه غره ) أشبه المغرور بحرية أمة وتزويج معيبة ( والآخر لا يرجع به ) اختاره القاضي ; لأنه محسن بالعفو ، بخلاف الغار بالحرية ، وذلك لا يقتضي الرجوع عليه ( ويكون الواجب حالا في ماله ) أي : الوكيل ; لأنه متعمد للقتل ، وإنما سقط القود عنه لمعنى آخر ، فهو كقتل الأب ( وقال أبو الخطاب : يكون على عاقلته ) وهو ظاهر الخرقي ، واختاره المؤلف ، قال الحلواني : وهو الأظهر ; لأنه ليس بعمد محض ، ولهذا لم يجب به قود ، فيكون عمد الخطأ ، أشبه من رمى صيدا فبان آدميا ، فعلى قول القاضي إن كان الموكل عفا إلى الدية فله الدية في تركة الجاني ولورثة الجاني مطالبة الوكيل بديته ، وليس للموكل مطالبة الوكيل بشيء ، وإن كان عفوه بعد القتل لم يصح ، وإن علم الوكيل بالعفو فعليه القود .

                                                                                                                          فائدة : إذا استحق قتله ، وقطعه ، فعفا عن أحدهما بقي الآخر ، وقال ابن حمدان : إن عفا عن القتل لم يكن له القطع ، وإن عفا عنه فله القتل في الأصح ، ولو تصالحا عن القود بمائتي بعير ، وقلنا : يجب القود أو دية ، بطل وإلا فلا ( وإن عفا عن قاتله بعد الجرح صح ) لأنه أسقط حقه بعد انعقاد سببه فسقط كما لو أسقط الشفعة بعد البيع وكعفو وارثه بعد موته ، وسواء [ ص: 304 ] كان عمدا ، أو خطأ ، أو كان العفو بلفظه ، أو الوصية ; لأن الحق له ، فصح عفوه عنه كماله ، وعنه : في القود إن كان الجرح لا قود فيه لو برئ ، وعنه : لا يصح عن الدية ، وفي " الترغيب " وجه يصح بلفظ الوصية ، وفيه تخريج في السراية في النفس روايات الصحة وعدمها ، وثالثها : يجب النصف بناء على أن صحة العفو ليس بوصية ويبقى ما قابل السراية ، لا يصح الإبراء منه ، واختار ابن أبي موسى صحته في العمد ، وفي الخطأ من ثلاثة ، فعلى الأول إن قال عفوت عن الجناية ، وما يحدث منها ، فلا قصاص في سرايتها ، ولا دية ; لأنه إسقاط للحق بعد انعقاد سببه ، وعنه : إن مات من سرايتها لم يصح العفو ; لأنها وصية لقاتل ، ولا يعتبر خروج ذلك من الثلث . نص عليه ; لأن الواجب القود عينا ، أو أحد شيئين فما تعين إسقاط أحدهما ، وعنه : يصح ويعتبر من الثلث كبقية ماله .




                                                                                                                          الخدمات العلمية