الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          الثاني : أن يضربه بمثقل كبير فوق عمود الفسطاط ، أو بما يغلب على الظن أنه يموت به كاللت والكوذين والسندان ، أو حجر كبير ، أو يلقي عليه حائطا ، أو سقفا ، أو يلقيه من شاهق ، أو يعيد الضرب بصغير ، أو يضربه به في مقتل ، أو في حال ضعف قوة من مريض ، أو صغر ، أو كبر ، أو حر ، أو برد ، أو نحوه .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( الثاني : أن يضربه بمثقل كبير فوق عمود الفسطاط ) وهو بيت من شعر وعموده الخشبة التي يقوم عليها ، قال القاضي : وهو ما فيه دقة ورشاقة ، وحاصله أنه إذا قتله بمثقل يغلب على الظن حصول الزهوق به عند استعماله ، فهو عمد موجب للقصاص ، وهو قول النخعي ، والزهري ، وابن سيرين ، والأكثر لقوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى [ البقرة : 178 ] ، ولما روى أنس أن يهوديا قتل [ ص: 243 ] جارية على أوضاح لها بحجر فقتله النبي صلى الله عليه وسلم بين حجرين ، ولما روى أبو هريرة ، قال : قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : ومن قتل له قتيل ، فهو بخير النظرين إما أن يؤدي ، وإما أن يقاد متفق عليهما ، ولأن المثقل يقتل غالبا فوجب القصاص به كالمحدد ، ومقتضاه : أنه إذا ضربه بمثل عمود الفسطاط أنه لا يجب القود . نص عليه ; لأنه - عليه السلام - لما سئل عن المرأة التي ضربت جارتها بعمود الفسطاط فقتلتها وجنينها فقضى في الجنين بغرة ، وقضى بالدية على عاقلتها ، ولا شك أن العاقلة لا تحمل ما يوجب القصاص ، ونقل ابن مشيش عنه أنه يجب ، ولعله ضربه بالعمود الذي يتخذه الترك لخيمتهم ، فإنه يقتل غالبا ( أو بما يغلب على الظن أنه يموت به كاللت ) وهو بضم اللام نوع من آلة السلاح معروف في زماننا ، وهو لفظ مولد ليس من كلام العرب ( والكوذين ) وهو لفظ مولد أيضا ، وهو عبارة عن الخشبة الثقيلة التي يدق بها الدقاق الثياب ( والسندان ) الظاهر أنه مولد ، وهو عبارة عن الآلة المعروفة من الحديد الثقيلة يعمل عليها الحداد صناعته ( أو حجر كبير ) لاشتراك الكل في كونه يقتل غالبا ، ولأن القصاص هنا لكونه مثقلا ، فلا أثر للفرق ( أو يلقي عليه حائطا ، أو سقفا ، أو يلقيه من شاهق ) لاشتراك الكل في القتل ( أو يعيد الضرب بصغير ) كالعصي ، والحجر الصغير ; لأن الإعادة تقوم مقام المثقل الكبير كذا نقله أبو طالب ( أو يضربه به ) مرة ( في مقتل ) لأن القتل حصل به ، وفيهما وجه في " الواضح " ، وفي الأولى في " الانتصار " هو ظاهر كلامه ( أو في حال ضعف قوة من مريض [ ص: 244 ] أو صغر ، أو كبر ، أو حر ، أو برد ، أو نحوه ) لأنه قتله بما يقتل غالبا ، أشبه المثقل الكبير ، ومثله لو قتله بلكمة ، ذكره ابن عقيل ، وفي " الرعاية " يعلمه ، وقيل : أو يجهله ، فإن ، قال لم أقصد قتله لم يصدق




                                                                                                                          الخدمات العلمية