الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          السابع : سقاه سما لا يعلم به ، أو خلطه بطعام فأطعمه ، أو خلطه بطعامه فأكله ، وهو لا يعلم به فمات ، فإن علم آكله به ، وهو بالغ عاقل ، أو خلطه بطعام نفسه فأكله إنسان بغير إذنه ، فلا ضمان عليه ، فإن ادعى القاتل بالسم أنني لم أعلم أنه سم قاتل لم يقبل قوله في أحد الوجهين ويقبل في الآخر ويكون شبه عمد .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( السابع : سقاه سما ، لا يعلم به ) فمات فعليه القود ; لأنه فعل فعلا يقتل مثله غالبا ، فكان عمدا كما لو ضربه بمحدد ( أو خلطه ) سما ( بطعام فأطعمه ، أو خلطه بطعامه فأكله ، وهو لا يعلم به فمات ) لما روى أنس أن يهودية أتت النبي صلى الله عليه وسلم بشاة مسمومة فأكل منها النبي صلى الله عليه وسلم فاعترفت فأمر بقتلها . رواه أبو داود . وأطلق ابن رزين فيما إذا ألقمه سما ، أو خلطه به قولين ( فإن علم آكله به ، وهو بالغ عاقل ) فلا ضمان عليه ، أشبه ما لو قدم [ ص: 247 ] إليه سكينا فقتل بها نفسه وعلم منه أنه يشترط لنفي الضمان أمران : البلوغ ، والعقل ; لأن الصبي والمجنون لا عبرة بفعلهما ويشترط له أيضا شرط آخر لم يذكره المؤلف ، وهو العلم بكون السم قاتلا ; لأن من جهل ذلك لا يصح أن يقال : علم بكونه قاتلا ، ذكره ابن المنجا إذ هو شيء يضاد القوة الحيوانية ( أو خلطه بطعام نفسه فأكله إنسان بغير إذنه ، فلا ضمان عليه ) لأنه لم يقتله ، وإنما الداخل قتل نفسه ، أشبه ما لو حفر في داره بئرا ليقع فيها اللص إذا دخل يسرق منها ، وكذا لو دخل بإذنه فأكل الطعام المسموم بلا إذنه ( فإن ادعى القاتل بالسم أنني لم أعلم أنه سم قاتل لم يقبل قوله في أحد الوجهين ) جزم به في " الوجيز " وقدمه في " المحرر " و " الفروع " ; لأن السم يقتل غالبا أشبه ما لو جرحه ، وقال : لا أعلم أنه يموت به ( ويقبل في الآخر ) وقيل : ويجهله مثله ; لأنه يجوز أن يخفى عليه أنه قاتل ، وهذا شبهة تسقط القود ( ويكون شبه عمد ) لأنه من حيث إنه قصد فعل الشيء الداعي إلى القتل بشبه العمد كما لو كان لا يقتل مثله غالبا




                                                                                                                          الخدمات العلمية