الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          فصل وشبه العمد أن يقصد الجناية بما لا يقتل غالبا ؛ فيقتل إما لقصد العدوان عليه ، أو لقصد التأديب له فيسرف فيه . نحو أن يضربه بسوط أو عصا أو حجر صغير أو يلكزه ، أو يلقيه في ماء قليل ، أو يسحره بما لا يقتل غالبا ، أو يصيح بصبي ، أو معتوه وهما على سطح فيسقطان ، أو يغتفل عاقلا فيصيح به فيسقط ، أو نحو ذلك .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          فصل

                                                                                                                          ( وشبه العمد أن يقصد الجناية بما لا يقتل غالبا ) هذا بيان لشبه العمد سمي بذلك ; لأنه قصد الفعل وأخطأ في القتل وسمي خطأ العمد وعمد الخطأ لاجتماعهما فيه ، فقوله " يقصد الجناية " يحترز به عن الخطأ . وبما لا يقتل غالبا يحترز به عن العمد المحض ، زاد في " المحرر " و " الوجيز " و " الفروع " : ولم يجرحه بها ، وقال جماعة : ولم يقصد قتله ( فيقتل إما لقصد العدوان عليه ، أو لقصد التأديب له فيسرف فيه ) فهذا لا قود فيه في قول الأكثر لما روى عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده مرفوعا ، قال : " عقل شبه العمد مغلظ مثل عقل العمد ، ولا يقتل صاحبه " رواه أحمد وأبو داود ، وعن عبد الله بن عمرو مرفوعا : " ألا إن في قتل الخطأ شبه العمد قتيل السوط والعصا - فيه مائة من الإبل ، منها أربعون في بطونها أولادها " رواه أبو داود ، وابن ماجه .

                                                                                                                          [ ص: 250 ] ولهم من حديث ابن عمر مثله ، ورواهما النسائي ، والدارقطني مسندا ومرسلا سماه خطأ العمد وأوجب فيه الدية لا القصاص ، وهذا قسم ثبت بالسنة ، والقسمان الآخران ثبتا بالكتاب ( نحو أن يضربه بسوط أو عصا أو حجر صغير ) لأن العادة لم تجر بقتله بذلك ( أو يلكزه ) اللكز الضرب بجميع الكف في أي موضع من جسده ، وقال في " النهاية " : هو الضرب بالكف في الصدر ( أو يلقيه في ماء قليل أو يسحره بما لا يقتل غالبا ) والمرجع في ذلك إلى أهل العلم به ; لأن ما يقتل غالبا هو عمد ( أو يصيح بصبي أو معتوه ) وفي " الواضح " : أو امرأة ، وقيل : أو مكلف ( وهما على سطح فيسقطان ) لأن الصياح في العادة لا يقتل غالبا ، فإذا تعقبه الموت كان شبه عمد ( أو يغتفل عاقلا فيصيح به فيسقط أو نحو ذلك ) كذهاب عقله ، فالدية على العاقلة لما روى أبو هريرة قال : اقتتلت امرأتان من هذيل فرمت إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها ، فقضى النبي صلى الله عليه وسلم أن دية جنينها عبد أو وليدة ، وقضى بدية المرأة على عاقلتها متفق عليه . فأوجب ديتها على العاقلة ، وهي لا تحمل العمد .

                                                                                                                          نقل الفضل في رجل بيده سكين فصاح به رجل فرمى بها فعقرت رجلا هل على من صاح به شيء ؛ قال : هذا أخشى عليه قد صاح به .



                                                                                                                          فرع : إذا أمسك الحية كمدعي المشيخة فقتلته فقاتل نفسه ، وإن قيل : إنه ظن أنها لا تقتل فشبه عمد بمنزلة من أكل حتى بشم ، فإنه لم يقصد [ ص: 251 ] قتل نفسه ، وإمساك الحيات جناية ، وهو محرم ، ذكره الشيخ تقي الدين .




                                                                                                                          الخدمات العلمية