الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          وفي العضو الأشل من اليد والرجل ، والذكر ، والثدي ولسان الأخرس ، والعين القائمة وشحمة الأذن ، وذكر الخصي والعنين ، والسن السوداء ، والثدي دون حلمته ، والذكر دون حشفته ، وقصبة الأنف ، واليد ، والأصبع الزائدتين - حكومة ، وعنه : ثلث ديته ، وعنه : في ذكر الخصي والعنين كمال ديته . فلو قطع الذكر ، والأنثيين معا ، أو الذكر ، ثم الأنثيين - لزمه ديتان ، ولو قطع الأنثيين ، ثم قطع الذكر وجبت دية الأنثيين ، وفي الذكر روايتان : إحداهما : دية ، والأخرى حكومة ، أو ثلث ديته . وإن أشل الأنف ، أو الأذن ، أو عوجهما ففيه حكومة ، وفي قطع الأشل منهما كمال ديته وتجب الدية في أنف الأخشم والمخروم ، وأذني الأصم ، وإن قطع أنفه فذهب شمه ، أو أذنيه فذهب سمعه وجبت ديتان . وسائر الأعضاء إذا أذهبها بمنافعها لم تجب إلا دية واحدة .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( وفي العضو الأشل من اليد والرجل ، والذكر ، والثدي ولسان الأخرس ، والعين القائمة ) في موضعها صحيحة غير أنه أذهب نظرها ( وشحمة الأذن ، وذكر الخصي والعنين ، والسن السوداء ، والثدي دون حلمته ، والذكر دون حشفته ، وقصبة الأنف ، واليد ، والأصبع الزائدتين حكومة ) قدمه في " المحرر " ، و " الفروع " ، وجزم به في " الوجيز " ; لأنه لا يمكن إيجاب دية كاملة لكونها قد ذهبت منفعتها ، ولا مقدر فيها فتجب الحكومة ( وعنه : ثلث ديته ) لما روى النسائي ورجاله ثقات عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، قال : قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في العين العوراء السادة لمكانها بثلث الدية ، وفي اليد الشلاء إذا قطعت بثلث ديتها ، وفي السن السوداء إذا قلعت بثلث ديتها . وعن عمر معنى ذلك رواه سعيد ، وحكم الرجل الشلاء كاليد الشلاء رجحه المؤلف ، وقال : قولهم لا يمكن إيجاب مقدر ممنوع ، فإنا قد ذكرنا التقدير وبيناه ، فأما اليد ، والرجل ، والإصبع ، والسن الزوائد ففيها حكومة ، ولا يصح قياس هذا على العضو الذي ذهبت منفعته وبقي جماله ; لأن هذه الزوائد لا جمال فيها ، إنما هي شين في الخلقة وعيب يرد به المبيع وتنقص به القيمة ، وقيل : لا يجب فيها شيء ، قال القاضي : هو في معنى اليد الشلاء فيتخرج على الروايتين ، وكذا كل عضو ذهبت منفعته وبقيت صورته ، والكف الذي لا أصابع عليه وساق لا قدم فيه وذراع لا كف عليه ، وذكر لا حشفة له ( وعنه : في ذكر الخصي والعنين كمال ديته ) ذهب الأكثر إلى وجوب الدية في ذكر العنين لخبر عمرو بن حزم وفي الذكر الدية ولأنه غير مأيوس من جماعه ، وهو عضو سليم في نفسه ، [ ص: 377 ] أشبه ذكر الشيخ ، وعنه لا تكمل ديته ; لأن منفعة الإنزال ، والإحبال بالجماع ، وقد عدم ذلك منه في حال الكمال ، أشبه الأشل ، وبهذا فارق ذكر الشيخ ، وأما ذكر الخصي فعنه دية كاملة لظاهر الخبر ، ولأن منفعته ، وهي الجماع باقية فيه ، وعنه : لا ; لأن المقصود منه تحصيل النسل ، ولا يوجد ذلك منه ، فلم تكمل ديته ، وعنه : تكميلها لذكر العنين دون الخصي ، وخرج منه في " الانتصار " في لسان أخرس ، وقدم في " الروضة " في ذكر الخصي إن لم يجامع بمثله فثلث ديته وإلا دية ، قال : في عين قائمة نصف دية .

                                                                                                                          فرع : إذا نبتت أسنان صبي سوداء ، ثم ثغر ، ثم عادت سوداء فديتها تامة كمن خلق أسود الوجه والجسم جميعا ، وإن نبتت أولا بيضاء ، ثم ثغر ، ثم عادت سوداء ، فإن قال أهل الخبرة : ليس السوداء لمرض ولا علة ففيها كمال ديتها ، وإلا فثلث دية ، أو حكومة ( فلو قطع الذكر ، والأنثيين معا ) أي : دفعة واحدة ( أو الذكر ، ثم الأنثيين لزمه ديتان ) لأن كل واحد منهما لو انفرد لوجب في قطعه الدية ، فكذا لو اجتمع ( ولو قطع الأنثيين ، ثم قطع الذكر وجبت دية الأنثيين ) لأن قطعهما لم يصادف ما يوجب نقصهما عن ديتهما ( وفي الذكر روايتان ) كذا في " المحرر " ( إحداهما : دية ) لقوله عليه السلام وفي الذكر الدية ( والأخرى ) وهي أشهر ( حكومة ، أو ثلث ديته ) لأنه ذكر خصي .

                                                                                                                          فرع : إذا قطع نصف الذكر طولا ، فقال أصحابنا : يجب نصف الدية ، ونصر في " المغني " ، و " الشرح " أن تجب الدية كاملة ; لأنه ذهب منفعة الجماع [ ص: 378 ] به ، أشبه ما لو أشله ، وإن قطع منه قطعة فما دون الحشفة وخرج البول على عادته وجب بقدر القطعة من جميع الذكر من الدية ، وإن خرج من موضع القطع وجب الأكثر من الدية ، أو الحكومة ( وإن أشل الأنف ، أو الأذن ، أو عوجهما ففيه حكومة ) لأن نفع الأنف والأذن باق مع الشلل ، بخلاف اليد ، فإن نفعها قد زال ، وإنما قلنا ببقاء نفع الأذن كونها تجمع الصوت وتمنع دخول الهواء في الصماخ ، وهذا باق مع الشلل ، وكذلك الأنف ، فنفعه جمع الرائحة ومنع وصول شيء إلى دماغه ، قال المؤلف : أو تغيير لونهما ، وقيل : الدية كشلل يد ومثانة ونحوهما ( وفي قطع الأشل منهما كمال ديته ) لأنه قطع أذنا فيها جمالها ونفعها كالصحيحة وكما لو قطع عينا عمشاء ، أو حولاء .

                                                                                                                          فرع : إذا قطع الأنف إلا جلدة بقي معلقا بها ، فلم يلتحم واحتيج إلى قطع الجلدة ففيه ديته ، وإن رده ، فالتحم فحكومة ، وإن أبانه فرده ، فالتحم ، فقال أبو بكر : فيه حكومة ، وقال القاضي : فيه ديته كما لو لم يلتحم ( وتجب الدية في أنف الأخشم ) لأنه لا عيب فيه ، وإنما العيب في غيره ( والمخروم ) لأن أنفه كامل غير أنه معيب كالعضو المريض ( أذني الأصم ) لأن الصمم نقص في غير الأذن ، وفي " الرعاية " ، و " المحرر " إذا قلنا : يؤخذ به السالم من ذلك في العمد ، وإلا ففيه حكومة ( وإن قطع أنفه فذهب شمه ) لزمه ديتان ; لأن الشم من غير الأنف ، فلا تدخل دية أحدهما في الآخر ( أو أذنيه فذهب سمعه وجبت ديتان ) لأن السمع من غير الأذن ، فهو كالبصر مع الأجفان ، [ ص: 379 ] والنطق مع الشفتين ، فلو ذهب شم أحدهما فنصف الدية ، وفي بعضه حكومة ( وسائر الأعضاء ) كالعينين ، ونحوهما ( إذا أذهبها بمنافعها لم تجب إلا دية واحدة ) لأن نفعها فيها ، وهو تابع لها يذهب بذهابه ، فوجبت دية العضو دون المنفعة كما لو قتله لم تجب ديته .




                                                                                                                          الخدمات العلمية