الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              4726 [ ص: 127 ] باب التعوذ عند الغضب

                                                                                                                              وهو في النووي ، في : (الباب المتقدم) .

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم النووي ، ص163 ،164 ج16 ، المطبعة المصرية

                                                                                                                              (عن الأعمش ؛ سمعت عدي بن ثابت يقول : حدثنا سليمان بن صرد ، قال : استب رجلان -عند النبي صلى الله عليه وسلم- ، فجعل أحدهما : يغضب ، ويحمر وجهه . فنظر إليه النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فقال : "إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب ذا عنه : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" . فقام إلى الرجل : رجل ممن سمع النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : أتدري ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، آنفا ؟ قال : "إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب ذا عنه : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" .

                                                                                                                              فقال له الرجل : أمجنونا تراني ؟
                                                                                                                              ) .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن سليمان بن صرد رضي الله عنه ، قال : استب رجلان -عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم- ؛ فجعل أحدهما يغضب ويحمر وجهه . فنظر إليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم : فقال : إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب ذا عنه) .

                                                                                                                              [ ص: 128 ] وفي رواية أخرى : (استب رجلان -عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم- فجعل أحدهما تحمر عيناه ، وتنتفخ أوداجه . قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : "إني لأعرف كلمة ، لو قالها لذهب عنه الذي يجد : أعود بالله من الشيطان الرجيم") .

                                                                                                                              فيه : أن الغضب -في غير الله تعالى- من نزغ الشيطان ، وأنه ينبغي لصاحب الغضب : أن يستعيذ ، فيقول : "أعوذ بالله إلخ" . وأنه : سبب لزوال الغضب .

                                                                                                                              (فقام إلى الرجل : رجل ممن سمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فقال : أتدري ما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، آنفا ؟ قال : "إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب ذا عنه : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" . فقال له الرجل : أمجنون تراني ؟) .

                                                                                                                              وفي رواية أخرى "فقال الرجل : وهل ترى بي من جنون ؟" .

                                                                                                                              وهو كلام من لم يفقه في دين الله تعالى ، ولم يتهذب بأنوار الشريعة المكرمة . وتوهم : أن الاستعاذة مختصة بالمجنون . ولم يعلم أن الغضب من نزغات الشيطان ، ولهذا يخرج به الإنسان عن اعتدال حاله ، ويتكلم بالباطل ، ويفعل المذموم ، وينوي الحقد والبغض ، وغير ذلك من القبائح المرتبة على الغضب . ولهذا قال النبي صلى الله عليه [ ص: 129 ] وآله وسلم ، للذي قال له أوصني : "لا تغضب" . فرد مرارا ، قال : "لا تغضب" فلم يزده في الوصية ، على "لا تغضب" ، مع تكراره الطلب .

                                                                                                                              وهذا دليل ظاهر ، في عظم مفسدة الغضب ، وما ينشأ منه .

                                                                                                                              ويحتمل أن هذا القائل : "هل ترى بي من جنون ؟" : كان من المنافقين ، أو من جفاة الأعراب . والله أعلم .

                                                                                                                              قلت : وأي جنون يكون أعظم من أن يقول رجل في مقابلة كلامه صلى الله عليه وسلم : "أمجنون تراني ؟" .




                                                                                                                              الخدمات العلمية