الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 4281 ) فصل : إذا دفع إلى حائك غزلا ، فقال : انسجه لي عشرة أذرع في عرض ذراع . فنسجه زائدا على ما قدر له في الطول والعرض ، فلا أجر له في الزيادة ; لأنه غير مأمور بها ، وعليه ضمان نقص الغزل المنسوج فيها ، فأما ما عدا الزائد فينظر فيه ; فإن كان جاء به زائدا في الطول وحده ، ولم ينقص الأصل بالزيادة فله ما سمى له من الأجر ، كما لو استأجره على أن يضرب له مائة لبنة ، فضرب له مائتين ، إن جاء به زائدا في العرض وحده ، أو فيهما ، ففيه وجهان ; أحدهما : لا أجر له ; لأنه مخالف لأمر المستأجر ، فلم يستحق شيئا ، كما لو استأجره على بناء حائط عرض ذراع ، فبناه عرض ذراعين

                                                                                                                                            والثاني له المسمى ; لأنه زاد على ما أمر به ، فأشبه زيادة الطول . ومن قال بالوجه الأول ، فرق بين الطول والعرض ، بأنه يمكن قطع الزائد في الطول ، ويبقى الثوب على ما أراد ، ولا يمكن ذلك في العرض . وأما إن جاء به ناقصا في الطول والعرض ، أو في أحدهما ، ففيه أيضا وجهان ; أحدهما ، لا أجر له ، وعليه ضمان نقص الغزل ; لأنه مخالف لما أمر به ، فأشبه ما لو استأجره على بناء حائط عرض ذراع ، فبناه عرض نصف ذراع . والثاني له بحصته من المسمى ، كمن استؤجر على ضرب لبن فضرب بعضه

                                                                                                                                            ويحتمل أنه إن جاء به ناقصا في العرض ، فلا شيء له ، وإن كان ناقصا في الطول ، فله بحصته من المسمى ; لما ذكرنا من الفرق بين الطول والعرض . وإن جاء به زائدا في أحدهما ، ناقصا في الآخر ، فلا أجر له في الزائد ، وهو في الناقص على ما ذكرنا من التفصيل فيه . وقال محمد بن الحسن [ ص: 308 ] في الموضعين : يخير صاحب الثوب بين دفع الثوب إلى النساج ومطالبته بثمن غزله ، وبين أن يأخذه ويدفع إليه المسمى في الزائد ، أو بحصة المنسوج في الناقص ; لأن غرضه لم يسلم له ، لأنه ينتفع بالطويل ما لا ينتفع بالقصير ، وينتفع بالقصير ما لا ينتفع بالطويل ، فكأنه أتلف عليه غزله

                                                                                                                                            ولنا أنه وجد عين ماله ، فلم يكن له المطالبة بعوضه ، كما لو جاء به زائدا في الطول وحده . فأما إن أثرت الزيادة أو النقص في الأصل ، مثل أن يأمره بنسج عشرة أذرع ليكون الثوب خفيفا ، فنسجه خمسة عشر ، فصار صفيقا ، أو أمره بنسجه خمسة عشر ليكون صفيقا ، فنسجه عشرة ، فصار خفيفا ، فلا أجر له بحال ، وعليه ضمان نقص الغزل ; لأنه لم يأت بشيء مما أمر به .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية