4835 كتاب الدعاء
وقال النووي : (كتاب الذكر، والدعاء، والتوبة، والاستغفار) .
ولفظ : (كتاب الدعوات) . البخاري
باب في أسماء الله عز وجل، وفيمن أحصاها
ولفظ النووي : (باب في أسماء الله تعالى، وفضل من أحصاها) .
(حديث الباب)
وهو بصحيح \ مسلم النووي، ص4، 5 ج17، المطبعة المصرية
(عن أبي الزناد، عن عن الأعرج، ، أبي هريرة «لله تسعة وتسعون اسما، من حفظها دخل الجنة. وإن الله وتر يحب الوتر») . عن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال
كتاب الدعاء
- باب في أسماء الله عز وجل وفيمن أحصاها
- باب دعاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم
- باب منه
- باب منه
- باب منه
- باب منه
- باب منه
- باب منه
- باب الدعاء اللهم اغفر لي وارحمني وعافني وارزقني
- باب الدعاء اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار
- باب الدعاء بالهداية والسداد وذكره النووي في باب الأدعية
- باب الدعاء بما عمل من الأعمال الصالحة
- باب الدعاء عند الكرب
- باب يستجاب للعبد ما لم يعجل
- باب العزم في الدعاء ولا يقل إن شئت
- باب في الليل ساعة يستجاب فيها
- باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل والإجابة فيه
- باب الدعاء عند صياح الديكة
- باب الدعاء للمسلم بظهر الغيب
- باب كراهية الدعاء بتعجيل العقوبة في الدنيا
- باب في كراهية تمني الموت لضر ينزل والدعاء بالخير
- باب منه
التالي
السابق
[ ص: 444 ] (الشرح)
(عن رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه) وآله (وسلم؛ قال إن لله تسعة وتسعين اسما) . أبي هريرة
زاد في : «مائة إلا واحدا» وهو في البخاري أيضا، في رواية أخرى. مسلم
قال القشيري : فيه دليل على أن الاسم هو المسمى؛ إذ لو كان غيره لكانت الأسماء لغيره؛ لقوله تعالى: ولله الأسماء الحسنى .
قال وغيره: فيه دليل على أن الخطابي لإضافة هذه الأسماء إليه. وقد روي: أن أشهر أسمائه سبحانه وتعالى: «الله» «الله» هو اسمه الأعظم.
قال : وإليه ينسب «كل اسم له» فيقال: «الرؤوف [ ص: 445 ] الكريم» من أسماء الله تعالى. ولا يقال: من أسماء الرؤوف أو الكريم: «الله». الطبري
قال النووي : اتفق العلماء على أن هذا الحديث ليس فيه حصر لأسمائه سبحانه وتعالى.
فليس معناه: أنه ليس له أسماء غير هذه التسعة والتسعين. وإنما مقصود الحديث: أن هذه التسعة والتسعين: «من أحصاها دخل الجنة».
فالمراد: الإخبار عن دخول الجنة بإحصائها، لا الإخبار بحصر الأسماء؛ ولهذا جاء في الحديث الآخر: « ». أسألك بكل اسم سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك
وقد ذكر الحافظ « » عن بعضهم أنه قال: لله تعالى ألف اسم. قال أبو بكر ابن العربي المالكي وهذا قليل فيها. والله أعلم. انتهى. ابن العربي:
قال ويدل على عدم الحصر: أن أكثرها صفات، وصفات الله لا تتناهى. القرطبي:
[ ص: 446 ] وهل الاقتصار على العدد المذكور معقول؟ أو تعبد لا يعقل معناه؟ قال النووي : وأما تعيين هذه الأسماء فقد جاء في وغيره -في بعض أسمائه- خلاف. وقيل: إنها مخفية التعيين، كالاسم الأعظم، وليلة القدر، ونظائرها. انتهى. الترمذي
قلت: لم يقع في شيء من طرق الحديث: سرد الأسماء إلا في رواية « » عند الوليد بن مسلم . وفي رواية « الترمذي زهير بن محمد، عن » عند موسى بن عقبة ابن ماجه . والطريقان يرجعان إلى رواية « والطبراني » وفيهما اختلاف شديد، في سرد الأسماء والزيادة والنقص. الأعرج
قال القسطلاني : ووقع سرد الأسماء أيضا في طريق ثالثة، عند في «مستدركه» الحاكم وجعفر الفريابي في «الذكر»: من طريق عن محمد بن سيرين، . أبي هريرة
واختلف أهل العلم في سردها، هل هو مرفوع؟ أو مدرج في [ ص: 447 ] الخبر من بعض الرواة؟
فذهب إلى الأخير جماعة، مستدلين بخلو أكثر الروايات عنه، مع الاختلاف والاضطراب.
قال : ويحتمل أن يكون التعيين وقع من بعض الرواة في الطريقين معا؛ ولذا وقع الاختلاف الشديد بينهما؛ ولذا ترك الشيخان تخريج التعيين. البيهقي
وقال -بعد أن أخرجه من طريق الوليد-: هذا الحديث غريب، حدثنا به غير واحد، عن الترمذي صفوان، ولا نعرفه إلا من حديث صفوان، وهو ثقة.
وقد روي من غير وجه: عن . ولا نعلم -في كثير من الروايات- ذكر الأسماء، إلا في هذه الطريق. أبي هريرة
وقد روي -بإسناد آخر- عن ، فيه ذكر الأسماء، وليس له إسناد صحيح. انتهى. أبي هريرة
وقال : لم يثبت أن النبي، صلى الله عليه وآله وسلم عين الأسماء المذكورة. انتهى. الداودي
قال الشوكاني رحمه الله في «تحفة الذاكرين شرح عدة الحصن الحصين»: وذكره بسند آخر، ولا يصح، وقد صحح «آدم بن أبي إياس» ابن حبان حديث والحاكم . يعني: في سرد الأسماء. أبي هريرة
[ ص: 448 ] وقال النووي في «الأذكار»: إنه حديث حسن.
وقال ابن كثير في «تفسيره الذي عول عليه جماعة من الحفاظ»: إن سرد الأسماء مدرج في هذا الحديث، وإنما ذلك كما رواه الوليد بن مسلم، وعبد الملك بن محمد الصنعاني، عن زهير بن محمد، أنه بلغه عن غير واحد من أهل العلم، أنهم قالوا ذلك. أي أنهم: جمعوها من القرآن. كما روي عن جعفر بن محمد، وسفيان بن عيينة، وأبي زيد اللغوي .
قال الشوكاني : ولا يخفاك أن هذا العدد قد صححه إمامان، وحسنه إمام. فالقول بأن بعض أهل العلم جمعها من القرآن غير سديد، ومجرد بلوغ واحد أنه وقع ذلك لا ينتهض لمعارضة الرواية، ولا تدفع الأحاديث بمثله.
وأما الحديث الذي ذكره عن الإمام فغايته: أن الأسماء الحسنى أكثر من هذا المقدار، وهو الذي ورد الترغيب في إحصائه وحفظه، وهذا ظاهر مكشوف، لا يخفى. أحمد،
ومع هذا: فقد أخرج الأسماء بهذا العدد: الترمذي، وابن مردويه، وأبو نعيم : من حديث ابن عباس، قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فذكره. وابن عمر،
وأخرج ابن أبي الدنيا، في «المستدرك» والحاكم [ ص: 449 ] وأبو الشيخ (كلاهما في التفسير) وابن مردويه وأبو نعيم في الأسماء الحسنى، : من حديث والبيهقي . وقد أطال أهل العلم الكلام على الأسماء الحسنى. أبي هريرة
قال : جاءت في إحصائها أحاديث مضطربة، لا يصح منها شيء أصلا. وبالغ بعضهم في تكثيرها. انتهى. ابن حزم
وأنهض ما ورد في إحصائها الحديث الذي ذكره صاحب العدة.
انتهى كلام الشوكاني، رحمه الله.
وسرد هذه الأسماء: جمع جم، من أهل المعرفة بعلم الحديث الشريف، من رواية وغيره، وأقلوا وأكثروا. الترمذي
منهم: الجزري، في «الحصن» وأبو الفتح الغرناطي، في «سلاح المؤمن وملخص السلاح في فرنده».
[ ص: 450 ] والنووي في «الأذكار» في «الأسماء والصفات» والحافظ والبيهقي ابن حجرالعسقلاني رحمه الله في «الفتح»، وفي «التلخيص» وعلي القاري في «الحزب الأعظم» وكذا أكثر المؤلفين في «الدعوات».
وتمام الكلام على هذا المرام: مذكور في «كتاب الجوائز والصلات عن الأسامي والصفات» فراجعه تجده شافيا كافيا وافيا، إن شاء الله تعالى.
(من حفظها دخل الجنة) وفي رواية أخرى: «من أحصاها دخل الجنة».
وعند : البخاري «لا يحفظها أحد إلا دخل الجنة».
قال النووي : اختلفوا في المراد بإحصائها.
فقال وغيره من المحققين: معناه «حفظها» وهذا هو الأظهر؛ لأنه جاء مفسرا في الرواية الأخرى: «من حفظها». البخاري
وقيل: أحصاها: عدها في الدعاء بها.
وقيل: أطاقها. أي أحسن المراعاة لها، والمحافظة على ما تقتضيه، وصدق بمعانيها.
[ ص: 451 ] وقيل: معناه: العمل بها، والطاعة بكل اسمها، والإيمان بها لا يقتضي عملا.
وقال بعضهم: المراد: حفظ القرآن، وتلاوته كله؛ لأنه مستوف لها، وهو ضعيف.
والصحيح الأول. انتهى.
وقال القسطلاني : «لا يحفظها» أي: لا يقرؤها «أحد» عن ظهر قلبه «إلا دخل الجنة». والحفظ: يستلزم التكرار. أي: تكرار مجموعها بأن يعتبر معانيها، فيطالب نفسه بما تضمنته من صفات الربوبية، وأحكام العبودية، فيتخلق بها.
وذكر الجزاء بلفظ الماضي؛ تحقيقا لوقوعه، وتنبيها على أنه -وإن لم يقع- فهو في حكم الواقع؛ لأنه كائن لا محالة. انتهى.
قال الشوكاني رحمه الله في (تحفة الذاكرين) : وفي لفظ : «لا يحفظها» وهذا اللفظ تفسير معنى قوله «أحصاها» فالإحصاء هو الحفظ. وهكذا قال الأكثرون. وقيل: غير ذلك. للبخاري
[ ص: 452 ] والأول: هو الراجح، المطابق للمعنى اللغوي. وقد فسرته الرواية المصرحة بالحفظ، كما عرفت.
قال: وهذا الحديث قد ورد «من طريق جماعة من الصحابة» خارج الصحيحين، والحجة بما فيهما على انفراده قائمة. انتهى.
(والله وتر يحب الوتر) وفي رواية أخرى: «إنه وتر يحب الوتر».
قال النووي : «الوتر»: الفرد. ومعناه -في حق الله تعالى- الواحد، الذي لا شريك له، ولا نظير.
ومعنى يحبه: وكثير من الطاعات، فجعل الصلاة خمسا، والطهارة ثلاثا، والطواف سبعا، والسعي سبعا، ورمي الجمار سبعا، وأيام التشريق ثلاثا، والاستنجاء ثلاثا. وكذا الأكفان. وفي الزكاة: خمسة أوسق، وخمس أواق من الورق، ونصاب الإبل، وغير ذلك. وجعل كثيرا من عظيم مخلوقاته وترا. تفضيل الوتر في الأعمال،
منها السموات، والأرضون، والبحار، وأيام الأسبوع، وغير ذلك.
[ ص: 453 ] وقيل: إن معناه منصرف إلى صفة من يعبد الله بالوحدانية والتفرد، مخلصا له. انتهى.
وقال التوربشتي : أي يثيب على العمل الذي أتى به وترا، ويقبله من عامله؛ لما فيه من التنبيه على معاني الفردانية: قلبا، ولسانا، وإيمانا، وإخلاصا. ثم إنه أدعى إلى معاني التوحيد.
قال القسطلاني : قيل: إن أسماءه تعالى «مائة» استأثر الله تعالى بواحد منها، وهو الاسم الأعظم، فلم يطلع عليه أحدا.
وجزم السهيلي بأنها «مائة» على عدد «درج الجنة» والذي يكمل المائة: «الله».
قال: واختلف: بمعنى أنه لا يجوز لأحد أن يشتق من الأفعال الثابتة لله اسما، إلا إذا ورد نص به، في الكتاب والسنة. هل الأسماء الحسنى توقيفية؟
قال الرازي : إنها توقيفية.
وقال القاضي أبو بكر : إنها توقيفية، دون الصفات. والغزالي
قال: وهذا هو المختار.
[ ص: 454 ] وقال القشيري -في كتاب «مفاتيح الحج ومصابيح النهج»-: أسماء الله تعالى تؤخذ توقيفا، ويراعى فيها الكتاب والسنة والإجماع، فكل اسم ورد في هذه الأصول وجب إطلاقه في وصفه تعالى. وما لم يرد فيها لا يجوز إطلاقه في وصفه، وإن صح معناه.
وقال لا ينبغي لأحد أن يدعوه بما لم يصف به نفسه. فتقول: «يا رحيم! لا «يا رفيق!» وتقول: «يا قوي!» لا: «يا جليد!». انتهى. الزجاج:
وعلى هذا لا يجوز: إطلاق لفظة أعجمية لم يرد بها الشرع، كلفظ: «خدا» و«يزدان» وغيرهما.
وكأن مثل ذلك من وادي الإلحاد في الأسماء.
وأما الإجماع على إطلاق هذه اللفظة، ولفظ «واجب الوجود» ونحوه، فإنما يحتج به من يقول: بحجية الإجماع.
وقد حررنا هذا البحث على وجه يشفي في بعض مؤلفاتنا فراجعه.
[ ص: 455 ] قال الإمام من الشافعية: قال أصحابنا: ليس كل ما صح معناه جاز إطلاقه عليه سبحانه؛ فإنه الخالق للأشياء كلها، ولا يجوز أن يقال: يا خالق الذئب والقردة. وورد: وعلم آدم الأسماء كلها ، وعلمك ما لم تكن تعلم ، ولا يجوز: يا معلم! قال: لا يجوز عندي: يا محب! وقد ورد: يحبهم ويحبونه انتهى.
وأقول: هذه الدعوى لا تصح. بل يجوز إطلاق ما ورد به الكتاب كالذي سبق، ووردت به السنة: كالطبيب. ولا يجوز إطلاق ما أطلقه أهل الكلام والبدع، والعجم بلسانهم؛ لعدم وروده فيهما. وإنما يجب الاقتصار على ما ورد، ولا وجه لإنكار إطلاق ما ورد بعدما ورد.
[ ص: 456 ] قال القسطلاني : وهل يجوز تفضيل بعض أسماء الله تعالى على بعض؟
فمنع من ذلك: أبو جعفر الطبري، وأبو الحسن الأشعري، والقاضي أبو بكر الباقلاني؛ لما يؤدي ذلك إلى اعتقاد نقصان المفضول عن الأفضل. وحملوا ما ورد من ذلك على أن المراد بالأعظم «العظيم» وأن أسماء الله تعالى عظيمة.
وقال : الأعظمية الواردة المراد بها: مزيد ثواب الداعي بها. ابن حبان
وقيل: «الأعظم»: «كل اسم دعا العبد ربه به مستغرقا، بحيث لا يكون في فكره حالتئذ: غير الله» فإنه يستجاب له.
وقيل الاسم الأعظم: «ما استأثر الله به».
وأثبته آخرون معينا، واختلفوا فيه.
فقيل: هو لفظة «هو» نقله الرازي، عن بعض أهل الكشف.
وقيل: «الله».
وقيل: «الله الرحمن الرحيم».
وقيل: «الرحمن الرحيم الحي القيوم».
وقيل: «الحي القيوم».
وقيل: «الحنان المنان، بديع السموات والأرض، ذو الجلال والإكرام» رآه رجل مكتوبا في الكواكب في السماء.
[ ص: 457 ] وقيل: «ذو الجلال والإكرام».
وقيل: «الله لا إله إلا هو الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد».
وقيل: «رب رب».
وقيل: دعوة ذي النون: «لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين».
وقيل: هو «الله الله، الله الذي لا إله إلا هو، رب العرش العظيم» نقله الفخر الرازي، عن الإمام زين العابدين: أنه سأل الله أن يعلمه الاسم الأعظم فعلمه في النوم.
وقيل: هو مخفي في الأسماء الحسنى.
وقيل: هو «كلمة التوحيد» نقله انتهى ملخصا من الفتح. انتهى كلام عياض. القسطلاني.
قال العلامة الشوكاني (في شرح العدة) : إن المصنف (يعني: صاحب «الحصن الحصين») قد ذكر في كتابه هذا في ثلاثة أحاديث: تعيين الاسم الأعظم
أحدها: هذا، يعني «دعوة ذي النون».
والحديثان الآخران سنذكرهما ونتكلم عليهما، فذكرهما، ثم قال: وقد اختلف في تعيينه على نحو أربعين قولا، قد أفردها السيوطي [ ص: 458 ] وغيره: بالتصنيف.
قال ابن حجر: وأرجحها من حيث السند: «الله لا إله إلا هو الأحد الصمد إلخ» وقد تقدم.
قال الجزري: وعندي أن الاسم الأعظم: «لا إله إلا هو الحي القيوم».
وذكر ابن القيم في الهدي: «أنه الحي القيوم» فينظر في وجه ذلك. انتهى.
قلت: الأولى: «التوقف» والذي ذكره أهل العلم في تعيينه إنما هو ظن وتخمين، استأنسوا به ببعض الأمارات، ولا قطع بها. والله أعلم باسمه الأعظم.
(عن رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه) وآله (وسلم؛ قال إن لله تسعة وتسعين اسما) . أبي هريرة
زاد في : «مائة إلا واحدا» وهو في البخاري أيضا، في رواية أخرى. مسلم
قال القشيري : فيه دليل على أن الاسم هو المسمى؛ إذ لو كان غيره لكانت الأسماء لغيره؛ لقوله تعالى: ولله الأسماء الحسنى .
قال وغيره: فيه دليل على أن الخطابي لإضافة هذه الأسماء إليه. وقد روي: أن أشهر أسمائه سبحانه وتعالى: «الله» «الله» هو اسمه الأعظم.
قال : وإليه ينسب «كل اسم له» فيقال: «الرؤوف [ ص: 445 ] الكريم» من أسماء الله تعالى. ولا يقال: من أسماء الرؤوف أو الكريم: «الله». الطبري
قال النووي : اتفق العلماء على أن هذا الحديث ليس فيه حصر لأسمائه سبحانه وتعالى.
فليس معناه: أنه ليس له أسماء غير هذه التسعة والتسعين. وإنما مقصود الحديث: أن هذه التسعة والتسعين: «من أحصاها دخل الجنة».
فالمراد: الإخبار عن دخول الجنة بإحصائها، لا الإخبار بحصر الأسماء؛ ولهذا جاء في الحديث الآخر: « ». أسألك بكل اسم سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك
وقد ذكر الحافظ « » عن بعضهم أنه قال: لله تعالى ألف اسم. قال أبو بكر ابن العربي المالكي وهذا قليل فيها. والله أعلم. انتهى. ابن العربي:
قال ويدل على عدم الحصر: أن أكثرها صفات، وصفات الله لا تتناهى. القرطبي:
[ ص: 446 ] وهل الاقتصار على العدد المذكور معقول؟ أو تعبد لا يعقل معناه؟ قال النووي : وأما تعيين هذه الأسماء فقد جاء في وغيره -في بعض أسمائه- خلاف. وقيل: إنها مخفية التعيين، كالاسم الأعظم، وليلة القدر، ونظائرها. انتهى. الترمذي
قلت: لم يقع في شيء من طرق الحديث: سرد الأسماء إلا في رواية « » عند الوليد بن مسلم . وفي رواية « الترمذي زهير بن محمد، عن » عند موسى بن عقبة ابن ماجه . والطريقان يرجعان إلى رواية « والطبراني » وفيهما اختلاف شديد، في سرد الأسماء والزيادة والنقص. الأعرج
قال القسطلاني : ووقع سرد الأسماء أيضا في طريق ثالثة، عند في «مستدركه» الحاكم وجعفر الفريابي في «الذكر»: من طريق عن محمد بن سيرين، . أبي هريرة
واختلف أهل العلم في سردها، هل هو مرفوع؟ أو مدرج في [ ص: 447 ] الخبر من بعض الرواة؟
فذهب إلى الأخير جماعة، مستدلين بخلو أكثر الروايات عنه، مع الاختلاف والاضطراب.
قال : ويحتمل أن يكون التعيين وقع من بعض الرواة في الطريقين معا؛ ولذا وقع الاختلاف الشديد بينهما؛ ولذا ترك الشيخان تخريج التعيين. البيهقي
وقال -بعد أن أخرجه من طريق الوليد-: هذا الحديث غريب، حدثنا به غير واحد، عن الترمذي صفوان، ولا نعرفه إلا من حديث صفوان، وهو ثقة.
وقد روي من غير وجه: عن . ولا نعلم -في كثير من الروايات- ذكر الأسماء، إلا في هذه الطريق. أبي هريرة
وقد روي -بإسناد آخر- عن ، فيه ذكر الأسماء، وليس له إسناد صحيح. انتهى. أبي هريرة
وقال : لم يثبت أن النبي، صلى الله عليه وآله وسلم عين الأسماء المذكورة. انتهى. الداودي
قال الشوكاني رحمه الله في «تحفة الذاكرين شرح عدة الحصن الحصين»: وذكره بسند آخر، ولا يصح، وقد صحح «آدم بن أبي إياس» ابن حبان حديث والحاكم . يعني: في سرد الأسماء. أبي هريرة
[ ص: 448 ] وقال النووي في «الأذكار»: إنه حديث حسن.
وقال ابن كثير في «تفسيره الذي عول عليه جماعة من الحفاظ»: إن سرد الأسماء مدرج في هذا الحديث، وإنما ذلك كما رواه الوليد بن مسلم، وعبد الملك بن محمد الصنعاني، عن زهير بن محمد، أنه بلغه عن غير واحد من أهل العلم، أنهم قالوا ذلك. أي أنهم: جمعوها من القرآن. كما روي عن جعفر بن محمد، وسفيان بن عيينة، وأبي زيد اللغوي .
قال الشوكاني : ولا يخفاك أن هذا العدد قد صححه إمامان، وحسنه إمام. فالقول بأن بعض أهل العلم جمعها من القرآن غير سديد، ومجرد بلوغ واحد أنه وقع ذلك لا ينتهض لمعارضة الرواية، ولا تدفع الأحاديث بمثله.
وأما الحديث الذي ذكره عن الإمام فغايته: أن الأسماء الحسنى أكثر من هذا المقدار، وهو الذي ورد الترغيب في إحصائه وحفظه، وهذا ظاهر مكشوف، لا يخفى. أحمد،
ومع هذا: فقد أخرج الأسماء بهذا العدد: الترمذي، وابن مردويه، وأبو نعيم : من حديث ابن عباس، قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فذكره. وابن عمر،
وأخرج ابن أبي الدنيا، في «المستدرك» والحاكم [ ص: 449 ] وأبو الشيخ (كلاهما في التفسير) وابن مردويه وأبو نعيم في الأسماء الحسنى، : من حديث والبيهقي . وقد أطال أهل العلم الكلام على الأسماء الحسنى. أبي هريرة
قال : جاءت في إحصائها أحاديث مضطربة، لا يصح منها شيء أصلا. وبالغ بعضهم في تكثيرها. انتهى. ابن حزم
وأنهض ما ورد في إحصائها الحديث الذي ذكره صاحب العدة.
انتهى كلام الشوكاني، رحمه الله.
وسرد هذه الأسماء: جمع جم، من أهل المعرفة بعلم الحديث الشريف، من رواية وغيره، وأقلوا وأكثروا. الترمذي
منهم: الجزري، في «الحصن» وأبو الفتح الغرناطي، في «سلاح المؤمن وملخص السلاح في فرنده».
[ ص: 450 ] والنووي في «الأذكار» في «الأسماء والصفات» والحافظ والبيهقي ابن حجرالعسقلاني رحمه الله في «الفتح»، وفي «التلخيص» وعلي القاري في «الحزب الأعظم» وكذا أكثر المؤلفين في «الدعوات».
وتمام الكلام على هذا المرام: مذكور في «كتاب الجوائز والصلات عن الأسامي والصفات» فراجعه تجده شافيا كافيا وافيا، إن شاء الله تعالى.
(من حفظها دخل الجنة) وفي رواية أخرى: «من أحصاها دخل الجنة».
وعند : البخاري «لا يحفظها أحد إلا دخل الجنة».
قال النووي : اختلفوا في المراد بإحصائها.
فقال وغيره من المحققين: معناه «حفظها» وهذا هو الأظهر؛ لأنه جاء مفسرا في الرواية الأخرى: «من حفظها». البخاري
وقيل: أحصاها: عدها في الدعاء بها.
وقيل: أطاقها. أي أحسن المراعاة لها، والمحافظة على ما تقتضيه، وصدق بمعانيها.
[ ص: 451 ] وقيل: معناه: العمل بها، والطاعة بكل اسمها، والإيمان بها لا يقتضي عملا.
وقال بعضهم: المراد: حفظ القرآن، وتلاوته كله؛ لأنه مستوف لها، وهو ضعيف.
والصحيح الأول. انتهى.
وقال القسطلاني : «لا يحفظها» أي: لا يقرؤها «أحد» عن ظهر قلبه «إلا دخل الجنة». والحفظ: يستلزم التكرار. أي: تكرار مجموعها بأن يعتبر معانيها، فيطالب نفسه بما تضمنته من صفات الربوبية، وأحكام العبودية، فيتخلق بها.
وذكر الجزاء بلفظ الماضي؛ تحقيقا لوقوعه، وتنبيها على أنه -وإن لم يقع- فهو في حكم الواقع؛ لأنه كائن لا محالة. انتهى.
قال الشوكاني رحمه الله في (تحفة الذاكرين) : وفي لفظ : «لا يحفظها» وهذا اللفظ تفسير معنى قوله «أحصاها» فالإحصاء هو الحفظ. وهكذا قال الأكثرون. وقيل: غير ذلك. للبخاري
[ ص: 452 ] والأول: هو الراجح، المطابق للمعنى اللغوي. وقد فسرته الرواية المصرحة بالحفظ، كما عرفت.
قال: وهذا الحديث قد ورد «من طريق جماعة من الصحابة» خارج الصحيحين، والحجة بما فيهما على انفراده قائمة. انتهى.
(والله وتر يحب الوتر) وفي رواية أخرى: «إنه وتر يحب الوتر».
قال النووي : «الوتر»: الفرد. ومعناه -في حق الله تعالى- الواحد، الذي لا شريك له، ولا نظير.
ومعنى يحبه: وكثير من الطاعات، فجعل الصلاة خمسا، والطهارة ثلاثا، والطواف سبعا، والسعي سبعا، ورمي الجمار سبعا، وأيام التشريق ثلاثا، والاستنجاء ثلاثا. وكذا الأكفان. وفي الزكاة: خمسة أوسق، وخمس أواق من الورق، ونصاب الإبل، وغير ذلك. وجعل كثيرا من عظيم مخلوقاته وترا. تفضيل الوتر في الأعمال،
منها السموات، والأرضون، والبحار، وأيام الأسبوع، وغير ذلك.
[ ص: 453 ] وقيل: إن معناه منصرف إلى صفة من يعبد الله بالوحدانية والتفرد، مخلصا له. انتهى.
وقال التوربشتي : أي يثيب على العمل الذي أتى به وترا، ويقبله من عامله؛ لما فيه من التنبيه على معاني الفردانية: قلبا، ولسانا، وإيمانا، وإخلاصا. ثم إنه أدعى إلى معاني التوحيد.
قال القسطلاني : قيل: إن أسماءه تعالى «مائة» استأثر الله تعالى بواحد منها، وهو الاسم الأعظم، فلم يطلع عليه أحدا.
وجزم السهيلي بأنها «مائة» على عدد «درج الجنة» والذي يكمل المائة: «الله».
قال: واختلف: بمعنى أنه لا يجوز لأحد أن يشتق من الأفعال الثابتة لله اسما، إلا إذا ورد نص به، في الكتاب والسنة. هل الأسماء الحسنى توقيفية؟
قال الرازي : إنها توقيفية.
وقال القاضي أبو بكر : إنها توقيفية، دون الصفات. والغزالي
قال: وهذا هو المختار.
[ ص: 454 ] وقال القشيري -في كتاب «مفاتيح الحج ومصابيح النهج»-: أسماء الله تعالى تؤخذ توقيفا، ويراعى فيها الكتاب والسنة والإجماع، فكل اسم ورد في هذه الأصول وجب إطلاقه في وصفه تعالى. وما لم يرد فيها لا يجوز إطلاقه في وصفه، وإن صح معناه.
وقال لا ينبغي لأحد أن يدعوه بما لم يصف به نفسه. فتقول: «يا رحيم! لا «يا رفيق!» وتقول: «يا قوي!» لا: «يا جليد!». انتهى. الزجاج:
وعلى هذا لا يجوز: إطلاق لفظة أعجمية لم يرد بها الشرع، كلفظ: «خدا» و«يزدان» وغيرهما.
وكأن مثل ذلك من وادي الإلحاد في الأسماء.
وأما الإجماع على إطلاق هذه اللفظة، ولفظ «واجب الوجود» ونحوه، فإنما يحتج به من يقول: بحجية الإجماع.
وقد حررنا هذا البحث على وجه يشفي في بعض مؤلفاتنا فراجعه.
[ ص: 455 ] قال الإمام من الشافعية: قال أصحابنا: ليس كل ما صح معناه جاز إطلاقه عليه سبحانه؛ فإنه الخالق للأشياء كلها، ولا يجوز أن يقال: يا خالق الذئب والقردة. وورد: وعلم آدم الأسماء كلها ، وعلمك ما لم تكن تعلم ، ولا يجوز: يا معلم! قال: لا يجوز عندي: يا محب! وقد ورد: يحبهم ويحبونه انتهى.
وأقول: هذه الدعوى لا تصح. بل يجوز إطلاق ما ورد به الكتاب كالذي سبق، ووردت به السنة: كالطبيب. ولا يجوز إطلاق ما أطلقه أهل الكلام والبدع، والعجم بلسانهم؛ لعدم وروده فيهما. وإنما يجب الاقتصار على ما ورد، ولا وجه لإنكار إطلاق ما ورد بعدما ورد.
[ ص: 456 ] قال القسطلاني : وهل يجوز تفضيل بعض أسماء الله تعالى على بعض؟
فمنع من ذلك: أبو جعفر الطبري، وأبو الحسن الأشعري، والقاضي أبو بكر الباقلاني؛ لما يؤدي ذلك إلى اعتقاد نقصان المفضول عن الأفضل. وحملوا ما ورد من ذلك على أن المراد بالأعظم «العظيم» وأن أسماء الله تعالى عظيمة.
وقال : الأعظمية الواردة المراد بها: مزيد ثواب الداعي بها. ابن حبان
وقيل: «الأعظم»: «كل اسم دعا العبد ربه به مستغرقا، بحيث لا يكون في فكره حالتئذ: غير الله» فإنه يستجاب له.
وقيل الاسم الأعظم: «ما استأثر الله به».
وأثبته آخرون معينا، واختلفوا فيه.
فقيل: هو لفظة «هو» نقله الرازي، عن بعض أهل الكشف.
وقيل: «الله».
وقيل: «الله الرحمن الرحيم».
وقيل: «الرحمن الرحيم الحي القيوم».
وقيل: «الحي القيوم».
وقيل: «الحنان المنان، بديع السموات والأرض، ذو الجلال والإكرام» رآه رجل مكتوبا في الكواكب في السماء.
[ ص: 457 ] وقيل: «ذو الجلال والإكرام».
وقيل: «الله لا إله إلا هو الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد».
وقيل: «رب رب».
وقيل: دعوة ذي النون: «لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين».
وقيل: هو «الله الله، الله الذي لا إله إلا هو، رب العرش العظيم» نقله الفخر الرازي، عن الإمام زين العابدين: أنه سأل الله أن يعلمه الاسم الأعظم فعلمه في النوم.
وقيل: هو مخفي في الأسماء الحسنى.
وقيل: هو «كلمة التوحيد» نقله انتهى ملخصا من الفتح. انتهى كلام عياض. القسطلاني.
قال العلامة الشوكاني (في شرح العدة) : إن المصنف (يعني: صاحب «الحصن الحصين») قد ذكر في كتابه هذا في ثلاثة أحاديث: تعيين الاسم الأعظم
أحدها: هذا، يعني «دعوة ذي النون».
والحديثان الآخران سنذكرهما ونتكلم عليهما، فذكرهما، ثم قال: وقد اختلف في تعيينه على نحو أربعين قولا، قد أفردها السيوطي [ ص: 458 ] وغيره: بالتصنيف.
قال ابن حجر: وأرجحها من حيث السند: «الله لا إله إلا هو الأحد الصمد إلخ» وقد تقدم.
قال الجزري: وعندي أن الاسم الأعظم: «لا إله إلا هو الحي القيوم».
وذكر ابن القيم في الهدي: «أنه الحي القيوم» فينظر في وجه ذلك. انتهى.
قلت: الأولى: «التوقف» والذي ذكره أهل العلم في تعيينه إنما هو ظن وتخمين، استأنسوا به ببعض الأمارات، ولا قطع بها. والله أعلم باسمه الأعظم.