الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              4922 باب التعوذ، من زوال النعمة

                                                                                                                              وذكره النووي، في (باب أكثر أهل الجنة: الفقراء. وأكثر أهل النار: النساء. وبيان الفتنة بالنساء) .

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي، ص 54 ج 17، المطبعة المصرية

                                                                                                                              (عن عبد الله بن عمر قال كان من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك وفجاءة نقمتك وجميع سخطك ) .

                                                                                                                              [ ص: 662 ]

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              [ ص: 662 ] (الشرح)

                                                                                                                              "الفجأة": بفتح الفاء، وإسكان الجيم، مقصورة. على وزن "ضربة". "والفجاءة": بضم الفاء، وفتح الجيم، والمد. لغتان. و"هي البغتة".

                                                                                                                              هذا الحديث، أخرجه بهذا اللفظ - من حديثه -: أبو داود، والنسائي، إلا أن "أبا داود"؛ قال: "وتحويل عافيتك".

                                                                                                                              قال الشوكاني (في التحفة) : "استعاذ رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم: من زوال النعمة؛ لأن ذلك لا يكون، إلا عند: عدم شكرها، والمعنى على ما تقتضي وتستحقه: كالبخل بما يوجبه النعمة: - على صاحبها. من تأدية ما يجب عليه: من الشكر، والمواساة، وإخراج ما يجب إخراجه".

                                                                                                                              واستعاذ أيضا: من تحول عافيته "سبحانه"، لأنه إذا كان قد اختصه الله سبحانه: بعافيته، فقد ظفر بخيري الدارين. فإن تحولت عنه: فقد أصيب بشري الدارين. فإن العافية: بها يكون صلاح أمور الدنيا والدين.

                                                                                                                              [ ص: 663 ] واستعاذ "صلى الله عليه وسلم": من فجاءة نقمة الله "سبحانه"، لأنه إذا انتقم من العبد: أحل به من البلاء: ما لا يقدر على دفعه، ولا يستدفع: سائر المخلوقين - وإن اجتمعوا جميعا - كما في الحديث: الصحيح، القدسي: "أن العباد، لو اجتمعوا على أن ينفعوا أحدا: لم يقدروا على نفعه. أو اجتمعوا جميعا على أن يضروا واحدا: لم يقدروا على ضره".

                                                                                                                              و"الفجاءة": بضم الفاء، وفتح الجيم ممدود: من "فاجأه مفاجأة": إذا جاءه بغتة، من غير أن يعلم بذلك.

                                                                                                                              وفي رواية: بفتح الفاء، وإسكان الجيم، من غير مد.

                                                                                                                              واستعاذ، صلى الله عليه وآله وسلم: من جميع سخطه، لأنه "سبحانه". إذا سخط على العبد: فقد هلك، وخاب، وخسر، ولو كان السخط: في أدنى شيء وبأيسر سبب.

                                                                                                                              ولهذا؛ قال الصادق المصدوق: "وجميع سخطك". وجاء بهذه العبارة - الشاملة لكل سخط -: "اللهم ! إنا نعود بك: من جميع سخطك، ونسألك: رضاك. فمن رضيت عنه: فقد فاز في جميع أموره، وأفلح في كل شؤونه. ونعوذ بك: من زوال نعمتك، وتحول [ ص: 664 ] عافيتك، وفجاءة نقمتك. يا رحمن ! يا رحيم ! يا ذا الجلال والإكرام ! يا حي ! يا قيوم !". انتهى.

                                                                                                                              قال النووي : هذا الحديث: أدخله مسلم، بين أحاديث النساء. وكان ينبغي: أن يقدمه عليها كلها.

                                                                                                                              قال: وهذا الحديث، رواه مسلم عن " أبي زرعة الرازي ": أحد حفاظ الإسلام، وأكثرهم حفظا. ولم يرو مسلم (في صحيحه) عنه: غير هذا الحديث.

                                                                                                                              وهو من أقران مسلم . توفي بعد مسلم : بثلاث سنين، سنة أربع وستين ومائتين. انتهى.

                                                                                                                              قلت: واسمه "عبيد الله بن عبد الكريم"، كما في مسلم نفسه.




                                                                                                                              الخدمات العلمية