الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
المبحث الثاني: الاجتهاد المقاصدي في العصر النبوي

نشأت المقاصد كما ذكرنا مع نشأة الأحكام التي انتصب الرسول صلى الله عليه وسلم لبيانها وتبليغها، وقد كان المقصد الشرعي أحد الأمور الملتفت إليها والمعول عليها في عملية فهم الأحكام واستنباطها، سواء من قبله عليه الصلاة والسلام بما يبلغه قولا وفعلا، أو من قبل أصحابه رضي الله عنهم بما يقره عليهم ويثبته ويؤكده.

ويمكن أن نبين حقيقة ذلك في المطالب التالية:

* مقاصدية السنة على سبيل الإجمال.

* مقاصدية السنة على سبيل التفصيل:

- مقاصدية نصوص السنة .

- مقاصدية النسخ في الأخبار.

- مقاصدية التعارض والترجيح.

مقاصدية السنة على سبيل الإجمال

تثبت السنة من حيث المبدأ والعموم، وجود مقاصد الأحكام، ووجوب اعتبارها ومراعاتها، وما قيل في مقاصدية القرآن الكريم يمكن أن يقال في مقاصدية السنة الشريفة من جهة كونها مبينة لأحكام [ ص: 78 ] القرآن وشارحة ومدعمة لها، ومن جهة كونها مبرزة لمقاصده وأسراره . قال ابن عبد البر: (... وتبين المراد منه [1] ، أي أن السنة تبين مراد القرآن ومقاصده. فالنواحي المقاصدية التي أقرها القرآن الكريم في الجملة، هي نفسها التي عملت السنة الشريفة على إبرازها وتأكيدها وتفصيلها وتفريعها، بحكم العلاقة الوثيقة بينهما في بيان الشرع وتحديد مقاصده وأسراره قال الشاطبي: ( وذلك أن القرآن الكريم أتى بالتعريف بمصالح الدارين جلبا لها، والتعريف بمفاسدها دفعا لها... وإذا نظرنا إلى السنة وجدناها لا تزيد على تقرير هذه الأمور، فالكتاب أتى بها أصولا يرجع إليها، والسنة أتت بها تفريعا على الكتاب وبيانا لما فيه منها ) [2] - فمن السنة تستفاد غايات الوجود الكوني وأهداف الحياة الإنسانية، ويتبين المقصد الكلي المتعلق بتحقيق عبودية الخالق وإصلاح المخلوق.

- ومنها استخلصت وفصلت الكليات الخمس الشهيرة ( حفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال ) . قال الشاطبي: ( فالضروريات الخمس كما تأصلت في الكتاب تفصلت في السنة ) [3] ، فقد أقرت السنة كما أقر القرآن مختلف الأحكام التي أكدت شرعية وقطعية تلك [ ص: 79 ] الكليات المعتبرة في كل أمة وملة، على نحو كلية حفظ العرض والنسل، التي تواترت على تثبيتها أدلة تشريع الزواج وتيسيره ومدحه، ومنع الزنا واللواط والسحاق، وسد المنافذ المؤدية إلى الشذوذ والانحراف، ومنع الخلوة، والحث على الصوم والطاعة والصبر عند انعدام الباءة، والحث على الستر والعفة والتحوط والحياء، وإقامة الحدود والتعزيرات، وغير ذلك من جزئيات الأدلة والأحكام المؤكدة لتلك الكلية القطعية الأصيلة، المعتبرة في كل الأمم وسائر الأعصار.

- ومنها تبينت العديد من العلل والحكم والأسرار المتعلقة بالأحكام الفقهية العملية الجزئية، على نحو علة منع ادخار لحوم الأضاحي، والتي هي تمكين الجماعة القادمة من سد حاجتها من الغذاء، وعلة تشريع الاستئذان والتي هي صيانة العرض وعدم هتك حرمات البيوت، مما ينجر عن الدخول المفاجئ من وقوع النظر فيما يحرم أو يكره النظر إليه [4] ومن السنة كذلك تبلورت بعض القواعد الفقهية المتصلة بالمقاصد الشرعية، كقاعدة ( الضرر يزال ) ، التي من أصولها قوله صلى الله عليه وسلم : ( لا ضرر ولا ضرار ) [5] .. وكقاعدة: ( العادة محكمة ) ، والتي من [ ص: 80 ] أصولها قوله لهند بنت عتبة: ( خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف ) [6] - ومنها اكتمل بناء أصول الفضائل وقواعد الأخلاق وآداب التعامل، على نحو أداء الأمانة، واحترام المعاهدات والمواثيق، وعدم الغدر، ومراعاة المعروف، وتمكين العدل والمساواة، ونفي الكبرياء والعصبية والاستغلال والاحتقار، وغير ذلك من المكارم الإنسانية العالية والمقاصد الدينية الراقية، التي جمع آحادها وأنواعها وأجناسها الحديث الشريف: ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) [7] - ومنها تبينت الخصائص العامة للشريعة الإسلامية، على نحو خاصية الوسطية والاعتدال، والواقعية والشمول والتيسير والسماحة والرفق والتخفيف وإرادة الصلاح والخير والنماء والسعادة بالمنتمين إليها وبسائر الفئات والملل والأمم، وشواهد ذلك لا تحصى كثرة، وهي مبثوثة في مظانها من كتب السيرة والسنن وغيرها، ولعل أبرز شاهد جامع لما ذكر،

قوله تعالى: ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمـين ) ( الأنبياء: 107 ) ..

فقد بين سبحانه وتعالى أن الغرض الأسمى من إرساله رسوله وبيان شريعته إنما هو تحقيق الرحمة في شتى أنواعها وسائر مظاهرها، ومختلف مجالاتها في الاعتقاد والتعبد والتعامل والتعايش، وليسـت كلمة ( رحمة ) هنا سوى تصريح بمقصد عال [ ص: 81 ] يحوي ما لا يحصى من المقاصد الفرعية والمصالح المتنوعة المبثوثة في أحكام تلك الرسالة وتعاليمها .

- ومنها تغذى البناء الفقهي والتنظير الأصولي، حيث تأسست بعض النظريات الفقهية والأصولية على ضوء الكثير من المعطيات السنية، والتي كانت لها علاقة ما بالمقاصد الشرعية، على نحو نظرية الضمان والضرورة والترخص والتيسير والالتزام والاستصلاح والعرف والقصود في الأفعال وغير ذلك، مما كان له الأثر الواضح في تطوير المجال المعرفي والقانوني وميدان التقاضي العائد على أهله وأربابه بالعدالة والخير والاستحقاق، وفي خدمة المقاصد الشرعية ومصالح الناس بوجه من الوجوه .

مقاصدية السنة على سبيل التفصيل

تنطوي السنة الشريفة من جهة بعض نصوصها ومباحثها، على جوانب مقاصدية مهمة دلت على أن الالتفات إلى المقصد والتعويل عليه أمر له مكانته وأهميته في بيان الأحكام وتثبيت شرع الله تعالى في الوجود، ويمكن أن نبرز ذلك فيما يلي:

مقاصدية نصوص السنة

هناك الكثير من النصوص والوقائع النبوية التي وردت مقرونة بعللها وحكمها وأسرارها ومقاصدها، ومن ذلك نورد ما يلي: [ ص: 82 ]

* قوله صلى الله عليه وسلم : ( إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا، وأبشروا، واستعينوا بالغدوة والروحة، وشيء من الدلجة ) [8] ، تضمن الحديث المقاصد التالية:

- إقرار التيسير ( إن الدين يسر )

- منع التشدد والمبالغة من غير موجب : ( ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه ) .

- ملازمة السداد والوسطية، أي الصواب من غير إفراط ولا تفريط: ( فسددوا. )

- الحث على بلوغ الكمال: ( وقاربوا ) ، أي اعملوا بما يقرب من الأكمل .

- الفوز بالثواب والجنة: ( وأبشروا ) .

- دوام العمل وزيادته: ( واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة ) [9] * ما جاء عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : ( ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين قط إلا اختار أيسرهما، ما لم يكن إثما، فإن كان إثما كان أبعد الناس عنه ) . [10] [ ص: 83 ]

مقاصد الحديث: اعتماد التيسير والرفق والتخفيف في الأمور كلها ما لم يكن إثما، ومن تلك الأمور:

- اختيار الجزية على الحرب في معاقبة المعرضين، ليسرها وسهولتها بخلاف الحرب المدمر.

- اختيار الأخف على الأشد في العبادة فيما خير فيه المؤمنون، رفقا بهم وإبعادا لما يشق عليهم، ولما يؤدي إلى ترك العبادة كلها .

* قوله صلى الله عليه وسلم الذي روته عائشة رضي الله عنها : ( إن الله يحب الرفق في الأمر كله ) [11] *عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما ، قال: ( وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم للناس في حجة الوداع بمنى يسألونه، فجاء رجل فقال: يا رسول الله! لم أشعر فحلقت قبل أن أذبح؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اذبح ولا حرج . فجاء رجل آخر فقال يا رسول الله! لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي؟ فقال: ارم ولا حرج . قال فما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيء قدم ولا أخر إلا قـال: افعل ولا حرج ) [12] مقصد الحديث: نفي الحرج عن الأمة في الحج وفي غيره: ( فإن استعماله عليه الصلاة والسلام للحرج منفيا، ويشعر بعمومه ) [13] [ ص: 84 ]

* قول عائشة رضي الله عنها : ( إن كان رسول الله ليدع العمل وهو يحب أن يعمل به، خشية أن يعمل به الناس، فيفرض عليهم ) .. ومن قبيل ذلك تركه لصلاة التراويح في جماعة خشية أن تفرض، وترك التطويل في الصلاة لنفي المشقة والفتنة، وعدم وجوب السواك للصلاة وغيرها، وترك إيجاب الوضوء لكل صلاة، وأداء صلاة العشاء في أول وقتها مراعاة للضعفاء والمرضى وذوي الحاجة.

قوله صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل وأبي موسى الأشعري لما بعثهما إلى اليمن: ( يسرا ولا تعسرا، وبشرا ولا تنفرا ) [14] * إقراره عليه الصلاة والسلام للطائفة التي عملت بمعنى حديث بني قريظة [15] ومقصده، ولم تكتف بظاهر القول، وإنما التجأت إلى تأويله بطريق الالتفات إلى المقصد والمعنى والغرض من الأمر بأداء صلاة العصر في بني قريظة، والذي يتمثل في الحث على الإسراع وترك التثاقل والتباطؤ في السير.

* نهيه صلى الله عليه وسلم عن ادخار لحوم الأضاحي فوق ثلاثة أيام، وبين المقصد من ذلك والذي هو سد حاجة جماعة الأعراب القادمة ونفعها بتلك اللحوم، ثم أباح لهم الادخار فيما بعد لما انتفت حاجتهم إلى [ ص: 85 ] اللحوم، وكان مقصد الادخار متمثلا في ضمان سلامة اللحوم من التعفن والاستفادة منها وقت الحاجة [16] * إقراره صلى الله عليه وسلم لقول معاذ بالرجوع إلى الرأي عند عدم النصوص من الكتاب والسنة، أو عند وجود النصوص الظنية التي لها معان كثيرة، والتي تحتاج إلى تحديد أقربها إلى المراد الإلهي والمقصد الشرعي، ولن يكون ذلك ممكنا إلا باعتماد الرأي الصحيح الذي يكون المقصد الشرعي أحد مستنداته ومرجحاته.. فإقراره عليه الصلاة والسلام لمعاذ بذلك يفيد أمورا منها:

- اعتبار الرأي الصحيح مصدرا للأحكام بعد النص .

- تأكيد مكانة الاجتهاد بالرأي عند انعدام وجود النص، أو عند وجود النص الظني الاحتمالي الذي تزاحمت عليه المعاني والمدلولات .

- شمول الاجتهاد بالرأي للعمل بالقياس ( أي إلحاق النظائر بنظائرها المنصوص عليها في الكتاب والسنـة ) ، وللعمل بالعرف والمصلحة والاستحسان، وما هو مناسب لتعاليم الدين ومقاصده دون أن يتصادم مع نص أو أصل شرعي [17] إن تعويل معاذ على الاجتهاد بالرأي اعتراف منه بتناهي النصوص وعمومها في الغالب، وبتنامي ظاهرة الحوادث والنوازل واتساع دائرة [ ص: 86 ] العلاقات وتشابكها وتداخلها، لا سيما في بيئة جديدة مختلفة مع بيئة المدينة في كثير من العوائد والأعراف والأحوال، الأمر الذي يدعو إلى النظر الاجتهادي العميق، والالتفات إلى ما يصلح للناس وينفعهم، بلا معارضة للشرع وأحكامه .

ثم إن التزكية النبوية لمعاذ بالتعويل على رأيه، تأكيد منه صلى الله عليه وسلم على وجوب معالجة أوضاع تلك البيئة الجديدة معالجة إسلامية تستوحي هديها من تعاليم الكتاب الكريم والسنة الشريفة، وتستأنس بضروب الاجتهاد ومستنداته المتصلة أساسا بمراعاة المقاصد الشرعية والمصالح الإنسانية، إذ من البديهي القول: بأن توجه معاذ إلى بلاد اليمن سفيرا، ليس إلا لنشر الإسلام بين أهل تلك البقعة وتحكيمه، وبث أنواره وقيمه، وتحصيل منافعه وخيراته، وتلكم هي المقاصد الشرعية عينها التي شكلت لدى معاذ إطارا مرجعيا مهما في مواجهة تطورات البيئة الجديدة ومشكلاتها .

* أمره صلى الله عليه وسلم أن يؤخذ القرآن من أربعة: منهم عبد الله بن مسعود العالم بأسباب النزول وملابساته وظروفه

[18] ، ويستفاد من هذا حسب الغالب الراجح أمور منها:

- معرفة حيثيات النزول وأسبابه، تعين كثيرا على معرفة الحكمة الباعثة والمقصد الداعي إلى تشريع الحكم. [ ص: 87 ]

- إن تنزيل أي حكم شرعي في أي واقعة إنسانية أو ظاهرة اجتماعية أو فترة تاريخية، لا بد فيه من فهم عميق ودقيق لملابسات ومستلزمات ذلك الواقع، وإدراك جيد لحكمة التشريع ومراميه، وسعي جاد لتحصيل ما يصلح للناس ويفيدهم [19] إن دراسة أسباب نزول القرآن وورود الحديث ذات فوائد جمة، لعل من أجلها إدراك حكمة الشارع ومراده، وتنزيل ذلك في واقع يتسم بالتجدد والتداخل والتعقيد، واستثمارها فيما يخدم شرع الله تعالى ويزيده نفوذا وتمكينا وخلودا، وإلا ظلت دراسة ذلك تسويدا للأوراق وطريقا مآله الإخفاق .

مقاصدية النسخ في الأخبار

ينطوي النسخ في الأخبار على جوانب مقاصدية، تتمثل إجمالا في سن التدريج في بيان الأحكام، ومراعاة التيسير والرفق بالمكلفين. فإذا كان النسخ انتقالا من الأثقل إلى الأخف، فإن مقصده التيسير والتخفيف، وإذا كان انتقالا من الأخف إلى الأثقل فمقصده الحمل على الأكمل والأفضل، والغرض من كل ذلك هو تمكين المكلف من الامتثال الدائر بين العزم الأصلي والترخص المشروع، وتأصيل عادة النزوع نحو الكمال والسعي إلى ما هو أفضل في الآل والمآل، ونفي احتمال التملص والانفلات بسبب وضع الأحكام جملة واحدة. [ ص: 88 ]

مقاصدية التعارض والترجيح

يمكن إبراز النواحي المقاصدية لمسألة التعارض الظاهري للنصوص النبوية وكيفية ترجيحها، فيما يلي:

- الإقرار بالعلة أو الحكمة المنصوص عليها، من خلال ضرب من ضروب الترجيح في المعاني، والمتعلق بتقديم العلة المنصوص عليها على التي لم ينص عليها، قال الباجي : (والعلة إذا نص عليها صاحب الشرع فقد نبه على صحتها وألزم اتباعها، وحكم بكونها علة فكانت أولى مما لم يحكم بكونها علة ) [20] والإقرار بالعلة هو في الحقيقة والمآل إقرار بالحكمة المنوطة بها والمقصد المرتبط بها، ذلك أن العلة لم تجعل أمارات على الأحكام إلا لما فيها من المصالح جلبا ومن المفاسد دفعا.

- الإقرار بقصد بيان الحكم وإفهامه للمخاطب، من خلال أحد ضروب التعارض والترجيح من جهة المتن، والمتعلق بتقديم الخبر الذي يقصد به بيان الحكم على الخبر الذي لم يقصد به بيان الحكم، فيكون الذي قصد به بيان الحكم أولى وأحرى.

ويمكن أن نعتبر أن هذا الضرب الترجيحي يخدم ما أسماه الشاطبي: ( مقاصد وضع الشريعة للإفهام ) ، ومحصل ذلك أن الشريعة نزلت [ ص: 89 ] لتفهم وتعلم، وفق اللغة العربية وسائر شروط الفهم والاجتهاد [21] - التأكيد على فهم ملابسات الحدث ومعطياته، من خلال الضرب الترجيحي من جهة السند، والمتعلق بتقديم الراوي الأكثر تقصيا للحديث والأحسن نسقا له من الآخر، وتقديم راوي القصة وصاحبها لأنه أعرف بالملابسات وأعلم، وتقديم الراوي الأفقه من غيره [22] - الحمل على الأكمل والحث على الأفضل، من خلال الضرب الترجيحي من جهة المتن، والمتعلق بتقديم الخبر الذي ينفي النقص عن الأصحاب رضي الله عنهم ، على الخبر الذي يضيفه إليهم، تثبيتا لعلو مكانتهم ورسوخ فضلهم، باعتبار كونهم حملة الدين، وصفوة الأمة، ومحل الاقتداء والتأسي.

- التقليل من الخلاف، الذي ظل شغلا شاغلا لأهل العلم وأرباب المقاصد، من خلال التأكيد على وجوب الترجيح، سواء بطريق الجمع أو النسخ والطرح، بغرض تضييق دائرة الخلاف وتقليل بوادر النزاع، وقد نص ابن عاشور على أن درء الخلاف أو التقليل منه من المقاصد المعتبرة، لذلك توجب إيجاد القواطع واليقينيات المقاصدية التي ترفع الجدل وتزيل الخلاف وتذيبه [23] [ ص: 90 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية