الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        1017 973 - مالك ، عن نافع ، عن عبد الله بن عمر ؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سابق بين الخيل التي قد أضمرت من الحفياء ، وكان أمدها ثنية الوداع . وسابق بين الخيل التي لم تضمر من الثنية إلى مسجد بني زريق . وأن عبد الله بن عمر كان ممن سابق بها .

                                                                                                                        [ ص: 307 ]

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        [ ص: 307 ] 20447 - هكذا روى هذا الحديث جماعة رواة الموطأ ، لم يختلفوا عنه في إسناده ، واختلفوا عنه في بعض ألفاظه .

                                                                                                                        20448 - وقال ابن بكير : سابق بين الخيل التي لم تضمر من الثنية إلى عند مسجد بني زريق " .

                                                                                                                        20449 - وخالفه جمهور الرواة منهم : ابن القاسم ، وابن وهب ، والقعنبي ، فرووا : " من الثنية إلى مسجد بني زريق " .

                                                                                                                        20450 - وفي ألفاظ نافع والرواة عنهم اختلاف كثير ، تراه في " التمهيد " إن شئت ، وترى هناك صحة ما رواه مالك من ذلك إن شاء الله .

                                                                                                                        20451 - روى سفيان بن عيينة ، عن إسماعيل بن أمية ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سابق بين الخيل ، فأرسل ما أضمر منها من الحفياء إلى ثنية الوداع ، وأرسل ما لم تضمر منها من ثنية الوداع إلى مسجد بني زريق ، وأن ابن عمر أجرى فرسا ، فاقتحم به فرسه في جرف فصرعه .

                                                                                                                        20452 - وفي هذا الحديث من الفقه جواز المسابقة بين الخيل ، وذلك مما خص ، وخرج من باب القمار بالسنة الواردة فيه وكذلك هو خارج من باب تعذيب البهائم لأن الحاجة إليها تدعو إلى تأديبها وتدريبها .

                                                                                                                        20452 - وفيه : أن المسابقة بين الخيل يجب أن يكون أمدها معلوما ، وأن [ ص: 308 ] تكون الخيل متساوية الأحوال ، أو متقاربة ، وألا يسبق المضمر مع غير المضمر .

                                                                                                                        20454 - والحفياء ، ومسجد بني زريق ، وثنية الوداع ، مواضع معروفة بالمدينة ، ومعروف ما بينها من المسافة .

                                                                                                                        20455 - حدثنا عبد الوارث قال : حدثنا قاسم ، قال : حدثنا عبيد بن عبد الواحد ، قال محبوب بن موسى ، قال : حدثنا الفزاري ، عن موسى بن عقبة ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : سابق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين الخيل التي قد أضمرت ، فأرسلها من الحفياء ، وكان أمدها ثنية الوداع .

                                                                                                                        20456 - قال الفزاري : قلت لموسى : كم بين ذلك ؟ قال : ستة أميال ، أو سبعة .

                                                                                                                        وسابق بين الخيل التي لم تضمر ، فأرسلها من ثنية الوداع ، وكان أمدها مسجد [ ص: 309 ] بني زريق .

                                                                                                                        قلت فكم بين ذلك ؟ قال : ميل أو نحوه
                                                                                                                        .

                                                                                                                        قال : وكان ابن عمر ممن سابق فيها .

                                                                                                                        20457 - وحدثنا خلف بن قاسم ، قال : حدثنا أبو الطاهر محمد بن أحمد بن يحيى ، قال : حدثنا موسى بن هارون الحمال ، قال : حدثنا أحمد بن حنبل ، وأبو خيثمة ، قالا : حدثنا عقبة بن خالد .

                                                                                                                        20458 - وحدثنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا محمد بن بكر قال : حدثنا أبو داود ، قال : حدثنا أحمد بن حنبل ، قال : حدثنا عقبة بن خالد ، قال : حدثنا عبد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سابق بين الخيل ، وفضل القرح في الغاية .

                                                                                                                        20459 - قال أبو عمر : روى هذا الحديث جماعة عن عبد الله بن عمر على نحو ما رواه مالك وغيره ، ولم يقل فيه أحد " أنه فضل القرح في الغاية " ، إلا عقبة بن خالد ، فإن صح ففيه دليل على أن التي أضمرت من تلك الخيل كانت قرحا ، والله أعلم .

                                                                                                                        20460 - وقد روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه - أنه كتب إلى عتبة بن غزوان وكان يومئذ أمير البصرة في إبان ضمروا خيلهم لينحروها ، فإن ادعيته [ ص: 310 ] أو تأخذ في ذلك برأي عمر ، وكتب إليه في ذلك مجاوبه بإباحة ذلك ، وقال في كتابه : أن أرسل القرح من رأس مائة علوة ، ولا يركبها إلا أربابها .

                                                                                                                        20461 - وقد ذكرنا الخبر بتمامه في " التمهيد " .

                                                                                                                        20462 - وأما أقاويل الفقهاء في هذا الباب ، فإن مالكا قال : سبق الخيل أحب إلي من سبق الرمي .

                                                                                                                        20463 - قال : ويكون السبق على الخيل على نحو ما سبق الإمام ، فإن كان المسبق غير الإمام ، فعل كما يفعل الإمام ، ولا يجب أن يرجع إليه شيء مما أخرج في السبق .

                                                                                                                        20464 - وقال الليث بن سعد ؛ قال ربيعة في الرجل يسبق القوم بشيء إن سبقه لا يرجع فيه .

                                                                                                                        20465 - قال الليث : ونحن نرى إن كان سبقا يجوز مثله ، جاز ، فإن لم يجز سبق أخذ ذلك منه ، وإن سبق أحرز سبقه .

                                                                                                                        20466 - وذكر ابن وهب ، عن الليث قال : وقال مالك : أرى أن يخرجه على كل حال ، سبق ، أو لم يسبق على مثل السلطان .

                                                                                                                        20467 - قال أبو عمر : قول الأوزاعي في هذا الباب نحو قول مالك وربيعة في أن الأشياء المخرجة في السبق لا تنصرف إلى مخرجها .

                                                                                                                        20468 - وقال أبو حنيفة ، والشافعي ، والثوري الأسباق على ملك أربابها ، وهم فيها على شروطهم ، فلا يجوز أن يملك السبق إلا بالشرط المشروط فيه ، فإن [ ص: 311 ] لم يكن ذلك انصرف السبق إلى من جعله .




                                                                                                                        الخدمات العلمية