الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
118 - وعن حمزة بن حبيب الزيات أنه رأى في المنام كأنه عرض على الله، فقال له: اقرأ القرآن كما علمتك، وذكر القصة بطولها.

ولا يصح حمل ذلك على أنهم رأوا بشارة ربهم لأن في الأخبار ما يسقط ذلك وهو قوله: لأكرمن مثوى سليمان، وقوله: ما هذا الخوف، وقوله: اقرأ.

الثالث: جواز الإتيان عليه، وهذا غير ممتنع إطلاقه إذا لم يوصف بالانتقال، ومثل هذا قوله: ( ثم استوى على العرش ) يجوز إطلاق هذه الصفة عليه لا على وجه الانتقال والحدوث، وإن كان حرث "ثم" يقتضي ذلك في [ ص: 130 ] اللغة، وكذلك قوله: "ينزل الله إلى السماء الدنيا" يجوز إطلاق ذلك من غير انتقال وشغل مكان.

فإن قيل قوله: "في أحسن صورة" معناه بأحسن صورة فتكون الفاء بمعنى الباء، ويكون معنى الإتيان فعله وإظهاره له، ومنه قوله تعالى: ( فأتى الله بنيانهم من القواعد ) معناه إظهار فعله، وكذلك قوله: ( هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام ) معناه بظلل، قيل: هذا غلط لوجوه، أحدها: أن إظهار فعله وتدبير ملكه عام في كل الأزمان والأحوال، فلا فائدة بتخصيصه في تلك الليلة التي أسري به اهـ.

والثاني: إن جاز تأويله على إتيان الأفعال والملك جاز عمل قوله: "إنكم [ ص: 131 ] ترون ربكم يوم القيامة" على رؤية أفعاله وملكه، وقد أجمعنا ومثبتو الصفات على خلاف ذلك.

الثالث: أنه وصفه بالصورة ووضع الكف بين كتفيه وهذه الصفة لا تتصف بها الأفعال والملك، فأما قوله: ( فأتى الله بنيانهم من القواعد ) فالمراد به أفعاله لأن في الآية ما دل عليه، وهو خراب الديار بقوله: ( فخر عليهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب ) وأما قوله: ( هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام ) المراد به الذات على أصولنا، لأن حمله على الأمر يسقط فائدة التخصيص بذلك اليوم، لأن أمره سابق لإيتانه، ولأنه إن جاز حمله على هذا جاز حمل قوله: "إنكم ترون ربكم يوم القيامة" على رؤية أمره وملكه.

التالي السابق


الخدمات العلمية