( الثالث ) اعلم أن الذي أطبق عليه عظماء الملة وعلماء الأمة ورؤساء الأئمة أن  أفضل هذه الأمة بعد نبيها      - صلى الله عليه وسلم - الصديق الأعظم   أبو بكر بن أبي قحافة  ، ثم   عمر الفاروق بن الخطاب     - رضي الله عنهما - ، ثم اختلفوا فالأكثرون ومنهم   الإمام أحمد  والإمام   الشافعي  وهو المشهور عن الإمام  مالك     - رضي الله عنهم - أن الأفضل بعد  أبي بكر  وعمر     - رضي الله عنهما -   عثمان بن عفان  ، ثم   علي بن أبي طالب     - رضي الله عنهما - ، وجزم  الكوفيون   ومنهم   سفيان الثوري  بتفضيل  علي  على  عثمان  ، وقيل بالوقف عن التفضيل بينهما ، وهو رواية عن  مالك  فقد حكى  أبو عبد الله المارزي  عن المدونة  أن  مالكا   [ ص: 356 ] سئل : أي الناس أفضل بعد نبيهم ؟ فقال :  أبو بكر  ثم  عمر     . ثم قال : أوفي ذلك شك ؟ فقيل له :  وعلي  وعثمان  ؟ فقال : ما أدركت أحدا ممن أقتدي به يفضل أحدهما على الآخر     . انتهى .  
وقوله : أوفي ذلك شك ؟ يريد ما سنحرره أن تفضيل  أبي بكر  وعمر  على بقية الأمة قطعي ، نعم حكى   القاضي عياض  عن الإمام  مالك  أنه رجع عن التوقف إلى تفضيل  عثمان  ، قال  القرطبي  وهو الأصح إن شاء الله تعالى ، وقد نقل التوقف   ابن عبد البر  عن جماعة من السلف منهم الإمام  مالك   ويحيى القطان   وابن معين  ، قال الإمام   يحيى بن معين  ومن قال :  أبو بكر  وعمر  وعثمان  وعلي  ، وعرف  لعلي  سابقته وفضله فهو صاحب سنة ، ولا شك أن من اقتصر على  عثمان  ولم يعرف  لعلي  فضله فهو مذموم ، ومن ثم يعلم أن حكاية الإجماع على أن  عثمان  أفضل من  علي     - رضي الله عنهما - مدخول بل الخلاف معلوم ، نعم معتمد محققي أهل السنة أن الخلفاء الراشدين في ترتيب الأفضلية على نسق ترتيب الخلافة ، وهذا منصوص   الإمام أحمد  وغيره من أئمة الإسلام ، لكن التفضيل في طرف  أبي بكر  وعمر     - رضي الله عنهما - قطعي على المعتمد وقيل ظني كما عند  الباقلاني  وغيره .  
				
						
						
