الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
يصلح بين عبد الملك وزوجه فينال حكمه  

حدثنا الحسن بن أحمد الكلبي، حدثنا محمد بن زكريا، حدثنا عبد الله بن الضحاك المصري، قال: حدثنا الهيثم بن عدي الطائي، قال: حدثني أبي.

أن عبد الملك بن مروان كان من أشد الناس حبا لامرأته عاتكة بنت يزيد بن معاوية، وأمها أم كلثوم بنت عبد الله بن عامر بن كريز، قال: فغضبت عليه - يعني على عبد الملك - وكان بينهما باب فحجبته وأغلقت ذلك الباب، فشق على عبد الملك فشكا إلى خاصته، فقال له عمر بن بلال الأسدي: مالي عنك إن رضيت؟ قال: حكمك، قال: فأتى عمر بن بلال بابها باكيا، فخرجت إليه حاضنتها ومواليها وجواريها، فقلن: ما لك؟ فقال: فزعت إلى عاتكة ورجوتها، فقد علمت مكاني من أمير المؤمنين معاوية ومن يزيد بعده، فقلن: ما لك؟ قال: كان لي ابنان لم يكن لي غيرهما فقتل أحدهما صاحبه، فقال أمير المؤمنين: أنا قاتل الآخر، فقلت: أنا الولي وقد عفوت. فقال: لا أعود الناس هذه العادة.

ورجوت الله تعالى أن يحيا ابني هذا، فدخلن عليها فذكرن لها ذلك، فقالت: فما أصنع مع غضبي عليه، وما أظهرت له؟ فقلن: إذا والله يقتل ابنه.

فلم يزلن بها حتى دعت بثيابها فلبستها، ثم خرجت إليه من الباب، فأقبل خديج الخادم، فقال: يا أمير المؤمنين! عاتكة قد أقبلت، فقال: ويلك! ما تقول؟ قال: قد - والله - طلعت.

قال: فأقبلت فسلمت فلم يرد، فقالت: أما - والله لولا عمر بن بلال ما جئت قط، فلا بد أن تهب لي ابنه، فإنه الولي وقد عفا. قال: إني أكره أن أعود الناس هذه العادة.

فقالت: نشدتك الله يا أمير المؤمنين، فقد عرفت مكانه من أمير المؤمنين معاوية ومن يزيد.

فلم تزل به حتى أخذت رجله فقبلتها، فقال: هو لك. فلم يبرحا حتى اصطلحا.

قال: ثم راح عمر بن بلال إلى عبد الملك، فقال له: رأينا ذلك الأمر، حاجتك؟ قال: مزرعة بعبيدها وما فيها، وألف دينار، وفرائض لولدي وأهل بيتي، وإلحاق عمالي. قال: ذلك لك.

التالي السابق


الخدمات العلمية