خير شجرة في الجنة
حدثنا أحمد بن محمد بن الحسين الشحيمي ، قال: حدثنا عبد الرحمن بن معاوية الضبي إملاء بمصر ، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عمر بن يونس اليمامي ، قال: حدثنا عن الحكم بن أبان ، عن عكرمة ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ابن عباس " إن في الجنة شجرة يقال لها خيرا، أصلها في منزل رجل من قريش لا أسميه لكم، وفرعها في سائر الجنة، فإذا قال الرجل لأخيه: جزاك الله خيرا، فإنما يعني به تلك الشجرة ".
[ ص: 270 ] لحن الراوي في كلمة خير
قال: القاضي: هكذا أملى علينا الشحيمي هذا الحديث، ولفظ به كما رويناه، فقال: يقال لها خيرا، ولم يكن ذا علم بطريقة الإعراب، ولعله لحن فيه فغيره عن صوابه، ولحن فيه بعض من تقدمه من رواته الذين لا معرفة لهم بتصاريف الإعراب ووجوهه، والصواب فيه عندي أن يكون اللفظ في الخبر أتى على الصحة وهو يقال لها خير، فلو كان اللفظ خيراء على فعلاء، أو فعلى على خيرى، لكان وجها معروف المذهب في العربية، غير أنه كان غير مصروف ولا منون، والمشهور من هذا الخبر التنوين، وأن خيرا فيه من الخير الذي هو ضد الشر، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إذا قال الرجل لأخيه: جزاك الله خيرا فقد أبلغ الثناء "، والعرب تقول: جزى الله فلانا خيرا إذا دعت له، وجزاه الله شرا إذا دعت عليه، كما قال الشاعر في المعنى الأول:
ألا رجلا جزاه الله خيرا يدل على محصلة تبيت
وقال : أبو معبدجزى الله رب الناس خير جزائه رفيقن قالا خيمتي أم معبد
وقال الحطيئة في المعنى الثاني:
جزاك الله شرا من عجوز ولقاك العقوق من البنينا
وهذا الوجه هو المعروف بين خاصة الناس وعامتهم، وغير ممتنع عندي أن يكون خير اسم الشجرة ويعني بقول القائل: جزاك الله خيرا الخير المعروف، فيجزى تلك الشجرة إذا كانت خيرا من الخيور، ونظير ذلك قولهم: ويل لفلان، وذكر أنه قبوح، وقال: غيره نحو ذلك، وجاء عن عدد من أهل التأويل أنه واد في جهنم؛ فتأمل هذا فإنه وجه لطيف حسن. سيبويه