الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
المجلس السابع والثمانون

حديث في أداء حقوق المال

أخبرنا المعافى قال: حدثنا أحمد بن محمد بن إسماعيل الأدمي سنة ثلاث وعشرين وثلثمائة قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن زيد قال: حدثنا إسحاق يعني الأزرق قال: حدثنا عبد الملك وهو ابن أبي سلمى عن أبي الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما من صاحب إبل ولا بقر ولا غنم لا يؤدي حقها إلا أقعد لها يوم القيامة بقاع قرقر تطأه ذات الخف بخفها، وتنطحه ذات القرن بقرنها، ليس فيها يومئذ لا جماء ولا مكسورة القرن "، قيل: يا رسول الله وما حقها؟ قال: إطراق فحلها.  

شرح بعض ألفاظ الحديث

قال القاضي: قوله: " بقاع قرقر " أي: أملس مستو، ويقال قاع قرق وقرقر وقرقوس،  ومن القرق قول الراجز.


كأن أيديهن بالقاع القرق أيدي جوار يتعاطين الورق

وقوله: " إطراق فحلها ":  يقال أطرق الرجل فحل إبله: من طلبه ليطرق إناث إبله للنتاج، وفي هذا ما يدل على وجوب الإطراق على صاحب الفحل، ولذلك نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عسيب الفحل  وهو إجارته للضراب.

حدثنا محمد بن علي بن إسماعيل الأبلي قال: حدثنا أبو سهل عمر بن عبدوس الهمذاني بالإسكندرية قال: حدثنا هاني بن متوكل قال: حدثنا ابن لهيعة عن زيد بن أبي حبيب وعقيل بن خالد عن ابن شهاب عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يبيع الرجل فحلة فرسه.  

وحدثنا محمد بن علي قال: حدثنا بكر بن سهل القرشي قال: حدثنا عبد الله بن يوسف قال: حدثنا ابن لهيعة عن زيد بن أبي حبيب وعقيل عن ابن شهاب عن أنس قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر نحوه.

وحدثنا محمد بن علي قال: حدثنا محمد بن الهيثم القاضي قال: حدثنا سعيد بن أبي مريم قال: حدثنا ابن لهيعة عن زيد بن أبي حبيب عن ابن شهاب عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: نهى أن يبيع الرجل فحلة فرسه، ولم يذكر عقيل بن خالد . قال القاضي: فإجارة [ ص: 654 ] الفحل للضراب غير جائزة  لما ورد فيها من نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأن ذلك من الغرر الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم إذ قد يراد الفحل على الضراب فيمتنع، وقد يكره منه الضراب فيتوثب عليه، فهو محظور بما ورد من الأخبار وبدليل النظر من جهة القياس والاعتبار، وكان مالك ومن سلك سبيله من أهل المدينة يجيزون هذا ويرخصون فيه ولا يرون به بأسا، والسنة والقياس أولى بالاتباع. ومن العسب قول زهير:


ولولا عسبه لتركتموه     وشر منيحة أير معار



وقد جاء في الأمر بإطراق الفحل أخبار كثيرة، وروي من التوعد مثل ما ذكرنا في هذا الخبر في مانع الزكاة، وجائز أن يقع التعذيب بما وصفنا، وكل من منع حقا وجب في هذا المال عليه بزكاة أو غيرها.

التالي السابق


الخدمات العلمية