المجلس الرابع والستون 
كيف تولى  عمر بن حبيب  القضاء 
حدثنا القاضي أبو الفرج المعافى بن زكرياء بن يحيى  إملاء من لفظه سنة تسعين وثلاثمائة ، حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي  قال حدثنا أبو العباس الكديمي ،  قال حدثنا  [ ص: 472 ] عمر بن حبيب العدوي القاضي  قال : قدمت مع وفد من أهل البصرة  حتى دخلنا على أمير المؤمنين المأمون ،  فجلسنا وكنت أصغرهم سنا ، فطلب قاضيا يولى علينا بالبصرة ،  فبينا نحن كذلك إذ جيء برجل مقيد بالحديد مغلولة يده إلى عنقه ، فحلت يده من عنقه ، ثم جيء بنطع فوضع في وسطه ومدت عنقه ، وقام السياف شاهرا السيف ، فاستأذن أمير المؤمنين في ضرب عنقه فأذن له ، فرأيت أمرا فظيعا ، فقلت في نفسي : والله لأتكلمن فلعله أن ينجو ، فقمت فقلت : يا أمير المؤمنين اسمع مقالتي . فقال لي : قل ، فقلت : إن أباك حدثني عن جدك عن  ابن عباس  عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : إذا كان يوم القيامة ينادي مناد من بطنان العرش ليقم من على الله تعالى أجره ، فلا يقوم إلا من عفا عن ذنب أخيه .  فاعف عنه عفا الله عنك يا أمير المؤمنين ، فقال : لي : آلله إن أبي حدثك عن جدي عن  ابن عباس  عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا؟ فقلت : آلله إن أباك حدثني عن جدك عن  ابن عباس  عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا . فقال : صدقت ، إن أبي حدثني عن جدي عن  ابن عباس  عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا . يا غلام أطلق سبيله ، فأطلق سبيله ثم أمر أن أولى القضاء ثم قال لي : عن من كتبت؟ قلت : أقدم من كتبت عنه  داود بن أبي هند ،  قال : فحدث ، قلت : لا ، قال : بلى فحدث ، فإن نفسي ما طلبت مني شيئا إلا وقد نالته ما خلا هذا الحديث فإني كنت أحب أن أقعد على كرسي ويقال لي من حدثك؟ فأقول : حدثني فلان ، قال : فقلت : يا أمير المؤمنين فلم لا تحدث؟ قال : لا يصلح الملك والخلافة مع الحديث للناس . 
				
						
						
