حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي، قال: حدثني أبو علي محرز بن أحمد الكاتب، قال: حدثني محمد بن مسلم السعدي، قال: وجه إلي يحيى بن أكثم يوما فصرت إليه، فإذا عن يمينه قمطر مجلدة، فجلست فقال لي: افتح هذا القمطر، ففتحها فإذا شيء قد خرج منها، رأسه رأس إنسان، وهو من سرته إلى أسفل خلقة " زاغ "، وفي ظهره وصدره سلعتان، فكبرت وهللت وفزعت، ويحيى يضحك، فقال لي بلسان فصيح طلق ذلق:
أنا الزاغ أبو عجوه أنا ابن الليث واللبوه     أحب الراح والريحا 
ن والنشوة والقهوه     فلا عدوى يدي تخشى 
ولا تحذر لي سطوه     ولي أشياء تستطرف 
بيوم العرس والدعوه     فمنها سلعة في الظه 
ر لا تسترها الفروه     وأما السلعة الأخرى 
فلو كان لها عروه     لما شك جميع النا 
س فيها أنها ركوه 
ثم قال: يا كهل! أنشدني شعرا غزلا: فقال لي يحيى: قد أنشدك الزاغ فأنشده، فأنشدته:
أغرك أن أذنبت ثم تتابعت     ذنوب فلم أهجرك ثم ذنوب 
وأكثرت حتى قلت ليس بصارمي     وقد يصرم الإنسان وهو حبيب 
فصاح: زاغ زاغ زاغ، ثم طار، ثم سقط في القمطر، فقلت ليحيى: أعز الله القاضي، وعاشق أيضا؟! فضحك، قلت: أيها القاضي: ما هذا؟ قال: هو ما تراه، وجه به صاحب اليمن إلى أمير المؤمنين، وما رآه بعد وكتب كتابا لم أفضضه، وأظن أنه ذكر في الكتاب [ ص: 228 ] شأنه وحاله.
				
						
						
