قال القاضي : قول ابن محكان ذات أندية : ذكر جمهور أهل العلم أن أنداء على أفعال وأنه الباب في هذا النوع من المقصور ، وأن الباب في الممدود من جنسه على أفعلة ومنه حشا وأحشاء وطلا وأطلاء وأما الممدود فمنه عطاء وأعطية وخلاء وأخلية وقباء وأقبية ، ألا ترى أنهم يقولون هوى في هوى النفس مقصور ويجمعونه أهواء ، قال الله تعالى ذكره : جمع الندى ، واتبعوا أهواءهم وقالوا في جمع هواء الجو الممدود أهوية ، وأن أندية في بيت ابن محكان شذ عن القياس . وزعم بعضهم أن أندية في هذا البيت جمع ناد وهو المجلس ، وأن المعنى أنهم كانوا يجلسون في النادي يصطلون عند شدة البرد ، وأن ذلك بمنزلة قولهم واد وأودية ، وقيل إنه جمع ندي وهو مثل النادي ، وأنكر هؤلاء جمع الندى الذي هو في معنى الطل أندية . وقد زعم في قول الله تعالى : الفراء وأحسن نديا أن الندي تجمع أندية والنادي نوادي القوم ، وقال : ولو جمعت الندى نوادي والنادي أندية كان صوابا لأن معناهما واحد .
[ ص: 452 ] قال القاضي أبو الفرج : يتجه صرف الأندية في بيت ابن محكان إلى وجه يطرد في القياس جمعه على أفعلة لكن المعنى الظاهر أنه عنى به يبطل أو يتشعث ، والذي عندي في هذا أنهم جمعوا الندى بمعنى الطل أنداء على أصله وقياسه ذو أندية على الشذوذ وإدخاله في غير بابه ، كما قالوا في جمع رحى أرحاء على القياس وأرحية على الشذوذ ، والباب في الجمع أحد الأبواب التي أخرج على القياس وأرحية على الشذوذ ، والباب في الجمع أحد الأبواب التي أخرج كثير منها عن أصل قياسه وألحق بغير بابه . ومن الأندية بمعنى المجالس قول الشاعر :
يومان يوم مقامات وأندية ويوم سير إلى الأعداء تأويب
التأويب : سير النهار ، والسرى : سير الليل ، والإساد : سير الليل والنهار ، هذا قول محققي أهل اللغة في هذه الفصول التي ذكرناها في هذا الباب من الجمع . وقد استقصينا القول فيها وفيما يضارعها وفي البيت الذي أنشدناه في بيت ابن محكان في موضع غير هذا ، وأتينا فيهما بما لم نر لإعادته في هذا الموضع وجها ، وقد روينا خبرا في هذه القصة وفيها أبيات لابن محكان عدة وفي أولها :يا ربة البيت قومي غير صاغرة ضمي إليك رجال القوم والقربا