الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
آراء في تفسير الآية

قال القاضي : جاء هذا الخبر بتلاوة هذه الآية وتأويلها ووردت بتلاوتها فيه على قراءة من قرأ : " وأسبغ عليكم نعمة " بلفظ التوحيد وهي قراءة كثير من المكيين والكوفيين ، وقد قرأها كثير من المدنيين والشاميين والبصريين " وأسبغ عليكم نعمه " على لفظ الجمع وهما قراءتان مشهورتان قد استفاض نقلهما ، وقرأت الأئمة بهما وراثة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ومعناهما يرجع إلى معنى واحد لأن قائلا لو قال : ما يتقلب فيه فلان من المال والولد والصحة والأمن وأنواع الخير وجميل الستر نعمة أسداها الله تعالى إليه ، أو قال هذه نعم من الله تعالى تفضل بها عليه ، لكان القولان صحيحين ، وكذلك تقارب المعنى في قراءة من قرأ : فانظر إلى آثار رحمت الله ومن قرأ : "أثر رحمة الله " وقراءة من قرأ : بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته وخطيئاته وقد قيل إن معنى قوله خطيئته في هذا الموضع الشرك ، وقيل بل كبائر ذنوبه التي مات ولم يتب منها . وروي عن عبد الله بن كثير أنه قال في معنى قوله تعالى : وأسبغ عليكم نعمه  هي شهادة أن لا إله إلا الله في ما زعموا ، وقيل بل هو عام شامل للنعم؛ ومثل هذا في القرآن كثير . وقيل إن هذا مما ينبئ الواحد منه عن جملة جنسه ، كقولهم : هلكت الشاة والبعير ، وكثر الدرهم والدينار في أيدي الناس ، وقال الله تعالى ذكره : والعصر إن الإنسان لفي خسر أراد الجنس دون اختصاص إنسان واحد ، ألا ترى أنه استثنى منه جمعا فقال : إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وهذا باب مستقصى في ما رسمناه من علوم القرآن .

[ ص: 481 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية