هل تجوز الشهادة على الكتاب المختوم 
قال القاضي  رحمه الله : قد اختلف أهل العلم في الشهادة على الكتاب المختوم كالذي جرى في هذه القصة ، وكالرجل يكتب وصيته في صحيفة ويختم عليها ويشهد قوما على نفسه أنها وصيته  من غير أن يقرأوها عليه أو يقرأها عليهم ويعاينوا كتبه إياها ، وما أشبه هذا مما يشهد المرء فيه على نفسه وإن لم يقرأه الشاهد أو لم يقرأ عليه ، فأجاز ذلك وأمضاه وأنفذ الحكم فيه جمهور أهل الحجاز  ، وروي عن  سالم بن عبد الله ،  وذهب إلى هذا  مالك بن أنس  ومحمد بن سلمة المخزومي ،  وأجاز ذلك  مكحول  ونمير بن أوس  وزرعة بن إبراهيم  والأوزاعي  وسعيد بن عبد العزيز  في من وافقهم من فقهاء أهل الشام ،  وحكى نحو ذلك  خالد بن يزيد بن أبي مالك  عن أبيه وقضاة جنده ، وهو قول  الليث بن سعد  في من وافقه من فقهاء أهل مصر  والمغرب ،  وهو قول فقهاء أهل البصرة  وقضاتهم ، وروي عن  قتادة  وعن  سوار بن عبد الله  وعبيد الله بن الحسن   ومعاذ بن معاذ  العنبريين في من سلك سبيلهم ، وأخذ بهذا عدد من متأخري أصحاب الحديث منهم أبو عبيد   وإسحاق بن راهويه .  
وأبى ذلك جماعة من فقهاء أهل العراق  منهم إبراهيم  وحماد والحسن ،  وهو مذهب  الشافعي   وأبي ثور ،  وهو قول شيخنا أبي جعفر  رحمه الله عليه ، وكان بعض أصحاب  الشافعي  بالعراق  يذهب إلى القول الأول لعلل ذكر أنه حاج بعض مخالفيه فيها . 
قال القاضي :  وإلى القول الذي قدمت حكايته عن أهل الحجاز  والشام  ومصر  والمغرب  والبصرة  أذهب ، ولكل ذي قول من هذين القولين علل يعتل بها لقوله ، ويحتج بها على خصمه ، وليس هذا الموضع مما يحتمل إحضارها ، وهي مشروحة مستقصاة في ما رسمناه من كلامنا في كتب الفقه ومسائله . وقوله : "ألاصني" قريب من معنى قوله أدارني وهو ليه وفتله . 
 [ ص: 500 ] 
				
						
						
