الربيع بن خثيم وصديقه العابد
حدثنا علي بن محمد بن الجهم أبو طالب الكاتب قال حدثنا أحمد بن يحيى السوسي قال حدثنا علي بن عاصم عن أبي الأصبغ قال : كان رجل من همدان في الكوفة يذكر بعبادة ، فلزم بيته وترك الناس ، وكان لا يخرج من بيته إلا لصلاة مكتوبة أو حق يلزمه لا يجد منه بدا ، وكان صديقا للربيع بن خثيم ، والذي بينهما حسن ، لا يأتيان أحدا إلا أحدهما لصاحبه ، قال : وكان الهمداني لا ينام من الليل إلا قليلا ، فنام ساعته التي كان ينام فيها ، فأتاه آت في منامه فمغثه شديدا وقال له : إيت الربيع بن خثيم فقل له : إنك من أهل النار ، ثم تنحى عنه فانتبه الهمداني فتعاظمه ذلك وقال : الربيع بن خثيم ؟! قال : فلم يأته وأبطأ عنه ، قال ثم أتاه في الليلة الأخرى وهو نائم فمغثه مغثا شديدا فقال : ألم أقل لك أن تأتي الربيع بن خثيم تقول له إنك من أهل النار؟ لئن لم تفعل لأفعلن بك ولأفعلن بك ولأفعلن ، ثم تنحى عنه فانتبه الهمداني وقد تعاظمه ذلك ، وقال : الربيع بن خثيم ؟! قال : فلم يأته وأبطأ عن الربيع قال : فلما كانت الليلة الثالثة أتاه فمغثه مغثا شديدا فقال : لئن لم تفعل لأفعلن بك ولأفعلن ، وتنحى عنه فانتبه الهمداني وقد تعاظمه ذلك ، فلما أصبح ورأى الربيع بن خثيم أنه قد أبطأ عنه أتاه فدخل عليه فسلم عليه فرآه متثاقلا عنه ، فقال : يا أخي ما لك؟ قال : خير ، قال : الربيع : إنا لله وإنا إليه راجعون ، يا أخي ، إنما هذا الشيطان ، فأعيذك بالله ونفسي من الشيطان ، وتفل الربيع عن يساره ثلاث تفلات وتعوذ بالله من [ ص: 523 ] الشيطان ، ثم رجع إلى منزله ، فلما كانت الليلة المقبلة قام الهمداني في ساعته التي كان ينام فيها وقد قوي بعض القوة مما سمع من الربيع ، فإذا هو قد أتاه آت في منامه بيده ساجور كلب أسود ، في وجه الكلب ثلاث جراحات ، قال له : أتدري من أنا؟ قال : لا ، قال : فهل تدري من هذا الكلب؟ قال : لا ، قال : هذا الشيطان الذي دخل بينك وبين أخيك الربيع بن خثيم ، وقد وكلت بكما وبهذا إلى أن تموتا لا ينفلت من هذا الساجور ، تدري ما هذه الجراحات التي بوجه الكلب؟ قال : لا ، قال هي بزقات الربيع بن خثيم عن يساره ، قال : فانتبه الهمداني ، فلما أصبح غدا على الربيع فأخبره بما رأى فحمد الله وقال : قد أخبرتك أنه من عمل الشيطان .


