الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فمن جود معن بن زائدة  

حدثنا عمر بن الحسن بن علي بن مالك الشيباني، قال: حدثنا محمد بن يزيد النحوي، قال: حدثنا قعنب، قال: قال سعيد بن سلم: لما ولى المنصور معن بن زائدة أذربيجان قصده قوم من أهل الكوفة، فلما صاروا ببابه استأذنوا عليه فدخل الآذن فقال: أصلح الله الأمير بالباب وفد من أهل العراق، قال: من أي العراق؟ قال: من الكوفة، قال: ائذن لهم، فدخلوا عليه فنظر إليهم معن في هيئة زرية، فوثب على أريكته وأنشأ يقول:


إذا نوبة نابت صديقك فاغتنم مرمتها فالدهر بالناس قلب     فأحسن ثوبيك الذي هو لابس
وأفره مهريك الذي هو يركب     وبادر بمعروف إذا كنت قادرا
زوال اقتدار أو غنى عنك يعقب

قال: فوثب إليه رجل من القوم، وقال: أصلح الله الأمير، ألا أنشدك أحسن من هذا؟ قال: لمن؟ قال: لابن عمك ابن هرمة، قال: هات، فأنشأ يقول:


وللنفس تارات تحل بها العرى     وتسخو عن المال النفوس الشحائح
إذا المرء لم ينفعك حيا فنفعه     أقل إذا ضمت عليه الصفائح
لأية حال يمنع المرء ماله     غدا فغدا والموت غاد ورائح

قال معن: أحسن والله وإن كان الشعر لغيرك، يا غلام! أعطهم أربعة آلاف يستعينوا بها على أمورهم إلى أن يتهيأ لنا فيهم ما نريد، فقال الغلام: يا سيدي! أجعلها دنانير أم دراهم، فقال معن: والله لا تكون همتك أرفع من همتي، صفرها لهم.

التالي السابق


الخدمات العلمية