عياض بن غنم  وصلح الرها   
قال : فلما نزل أبو عبيدة  منبج  بعث  عياض بن غنم  في عشرين فارسا فأتى الرها  وقد اجتمع بها أهل الجزيرة من الأنباط ، فأتاها  ابن غنم  فوقف عند بابها الشرقي على فرس  [ ص: 573 ] أحمر محذوف ، فأخبرنا أحمد بن معاوية  عن محمد بن سليمان بن عطاء ،  قال حدثني أبي عن جدي عمن سمع عياضا  وهو يدعوهم إلى الإسلام فأبوا عليه ، فعرض عليهم الجزية فأقروا ،  وقد عرفوا شرط  عمر بن الخطاب  رضي الله عنه على أهل الشام  فقالوا : نعم نقر على أن نشترط ، قال : نعم فاشترطوا ونشترط ، فاشترطوا كنائسهم التي في أيديهم على أن يؤدوا خراجها وما لجأ إليها من طائر وصلمهم التي في كنيستهم قال محمد بن سليمان بن عطاء :  الصلم الخشبة التي يزعمون أن عيسى بن مريم  عليه السلام صلب عليها لم يقل صلبهم وسور مدينتهم ، قال عياض :  فإني أشترط أنا أيضا ، فاشترط عليهم أن يشاطرهم منازلهم وينزل فيها المسلمون ، وعلى أن لا يحدثوا كنيسة إلا ما في أيديهم ، وعلى أن لا يرفعوا صليبا ولا يضربوا بناقوس إلا في جوف كنيسة ، وأن يقروا ضيف المسلمين يوما وليلة ، وعلى أن يحملوا راجل المسلمين من رستاق ، إلى رستاق وعلى أن لا يعمروا خنزيرا بين ظهراني المسلمين ، وعلى أن يناصحوا المسلمين ولا يغشوهم ولا يمالئوا عليهم عدوا ، ومن وفى لنا وفينا له ومنعناه مما نمنع منه نساءنا وأبناءنا ، ومن انتهك شيئا من ذلك استحللنا سفك دمه وسباء أهله وماله ، فقالوا : اكتب بيننا وبينك كتابا ، فتورك عياض  على فرسه ، فلما فرغ قالوا : اشهد لنا ، قال : فكتب شهد الله وملائكته وكفى بالله شهيدا . ودفع الكتاب إليهم فدخل في شرطهم جميع أهل الجزيرة . وأما الأرض فهي للمسلمين وأنتم عمالهم فيها . 
				
						
						
