حكاية غريبة عن توسط  عمر بن عبد العزيز  لدى  يزيد بن المهلب   
حدثنا أبو النضر العقيلي  قال : حدثنا أبو إسحاق الطلحي  قال : أخبرنا أحمد بن معاوية  قال : وقال ابن الكوفي  وكان بشر بن مروان  قد ادخر وهو على العراق  عن ابنه عبد الملك  وعن عيينة بن أسماء  من غلات أراضيهم مالا عظيما ، فلما ولي الحجاج  أخرج تلك البقايا فوجد ما على عبد الملك  وعيينة بن أسماء  فقال : وما على بشر أن يهب من مال الله تعالى لابنه وختنه هذا وأكثر منه ، والله لآخذنهما به أخذ الضب ولده ، وطالبهما فريثاه حتى هلك فلحقا بالشام  فنزلا على  عمر بن عبد العزيز  فقالا له : إن بشرا  كان أطعمنا شيئا كثيرا من غلاتنا فبسطنا فيه أيدينا ، وإن الحجاج  بسفهه وخرقه وظلمه أخرج علينا ثم أخذنا به ، فلم نزل نخدعه عن أنفسنا حتى هلك ، فكلم أمير المؤمنين في هبة ذلك لنا ، فضحك عمر  وقال : لست أثق لكما بكلامي ، ولكن لكما عندي رأي فيه نجاح طلبتكما ، قالا : فادللنا عليه ، قال : نمشي إلى  يزيد بن المهلب  فإما أن يحملها من ماله ، وإما أن يعيننا على سليمان  فيهبها لكما ، ولا والله ما كنت لأمشي إلى عربي على الأرض غيره ليس من ولد مروان .  ثم أتوا يزيد فقال له عمر :  إنا أتيناك زوارا وهذان من قد عرفت ، فلا تنظرن إلى جرم أبويهما عند أبيك ، فضحك يزيد  وقال : عفا الله عنك يا أبا حفص ،  أرجع في ذنب قد غفره أبي قبلي؟! والله ما عجز عن مكافأتهما في حياته ولا أوصاني بالثأر من بعده ، فإنهما لأخواي وصاحباي ، هاتوا حاجتكم ، فقال عمر :  إن الحجاج  أخرج عليهما مما كان بشر  ترك لهما من غلاتهما ألف ألف وخمسمائة ألف فما ترى؟ قال : رأيكم فاحتكموا ، قال : تحمل منها ما شئت قال : علي نصفها ، والمطلب إلى أمير المؤمنين في بقيتها ، فإن حمله عني وإلا حملته ، فقال عبد الملك بن بشر :  والله ما ظلم الناس أن زعموا أنك سيدهم . ثم خرجوا وعمر  يقول : ما رأينا مثل هذا العراقي  في وطأته فعل قبلها مثلها ، ثم حمل عن القيسيين وعن يزيد بن عاتكة ،  وهذه ألف ألف وخمسمائة ألف . ثم ركب يزيد  إلى سليمان  فدخل عليه وعنده جماعة من وجوه أهل اليمن  فقام فقال : يا أمير المؤمنين ، فقال له سليمان :  أمسك ، وأبيك إنك لقادر على خلواتي ، اجلس ، 
 [ ص: 597 ] فقال يزيد :  ما قمت لأجلس فأذن لي في الكلام ، فقال : هات ، فأخبره بمجيء عمر  إليه وقال : قد حملت النصف وضمنت عليك الباقين والله يا أمير المؤمنين إن مقامي بالشام  لمن تمام نعمة الله علي بأمير المؤمنين ، إنه لم يعمد إلي أحد في حاجة إلا قضاها الله بك يا أمير المؤمنين على يدي ، فقال سليمان :  قد وهبنا ذلك كله لك ، فلك حمده وعلينا غرمه . 
				
						
						
