الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل

يدل على أن القرآن كلام الله وكلامه غير مخلوق  

152 - أخبرنا الحسين بن أحمد السمرقندي في كتابه، أنا إسماعيل الصابوني ، أنا أبو طاهر بن خزيمة ، نا أبو بكر بن خزيمة ، نا محمد بن يحيى ، نا سريج بن النعمان صاحب اللؤلؤ، (عن ابن أبي الزناد) ، عن أبي الزناد ، عن عروة بن الزبير ، عن نيار بن مكرم الأسلمي صاحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: لما نزلت: الم غلبت الروم في أدنى الأرض إلى آخر الآيتين خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فجعل يقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم الم غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين فقال رؤساء مشركي مكة : يا ابن أبي قحافة هذا مما أتى به صاحبك قال: لا والله، ولكنه كلام الله وقوله. قالوا: فهذا بيننا وبينك: إن ظهرت الروم على فارس في بضع سنين فتعال نناحبك، يريدون نراهنك، وذلك قبل أن ينزل في الرهان ما نزل، فراهنوا أبا بكر -رضي الله عنه- ووضعوا رهانهم على يدي فلان بن فلان، ثم بكروا فقالوا: يا أبا بكر البضع ما بين الثلاث إلى التسع، فاقطع بيننا وبينك شيئا ننتهي إليه .

قال أهل السنة: التلاوة التي تظهر عند حركات الفم هي المتلو، [ ص: 292 ] والقراءة هي المقروء، وقالت الأشعرية : التلاوة غير المتلو، والقراءة غير المقروء؛ فإن التلاوة والقراءة مخلوقة، وعندهم: القرآن عبارة عن الحروف، والأصوات، والسور، والآيات وليس هذا بقديم عندهم، واستدل أهل السنة بقوله تعالى إخبارا عنقريش : إن هذا إلا قول البشر سأصليه سقر فتوعد بالنار على قولهم: هذا قول البشر، ومعلوم أن قريشا أشارت بهذا القول إلى التلاوات التي سمعوها من النبي -صلى الله عليه وسلم- ومن أصحابه، فدل على أنها ليست قول البشر، واستدلوا بما روي عن جابر -رضي الله عنه-:

153 -: قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يعرض نفسه على الناس بالموقف فيقول: " هل رجل يحملني إلى قومه؛ فإن قريشا قد منعوني أن أبلغ كلام ربي   ". وعندهم لم يكن مبلغا لكلام ربه، وإنما بلغ تلاوة كلامه، ولأن المسلمين إذا سمعوا قراءة القارئ قالوا: هذا كلام الله، واستدلوا بما قدمناه من حديث نيار بن مكرم (الأسلمي) .

التالي السابق


الخدمات العلمية