الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل

418 - روي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كان ملك الموت يأتي الناس عيانا فأتى موسى فذهب بعينه فعرج إلى ربه عز وجل فقال: بعثتني إلى موسى فلطمني فذهب بعيني، فلولا كرامته عليك لشققت عليه. قال: ارجع إلى عبدي فقل له: ليضع يده على ثور فله بكل شعرة وارت كفه سنة يعيشها، فأتاه فبلغ ما أمره به. فقال: ما بعد ذلك؟ قال: الموت. قال: الآن. فشمه شمة قبض روحه فيها ورد الله على ملك الموت بصره، فكان بعد لا يأتي الناس إلا خفية ".  

وفي رواية: "قال ربه أن يدنيه من الأرض المقدسة رمية بحجر، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لو كنت ثم لأريتكم قبره إلى جانب الطريق بجنب الكثيب الأحمر".   [ ص: 408 ]

هذا الحديث حكم أهل الحفظ بصحته، وحمله أهل السنة على ظاهره، وأن ذلك الفعل كان من موسى - عليه السلام - على الحقيقة وقالوا: فعل ذلك بالإذن ولله تعالى أن يأذن فيما يشاء.

وقال قوم من أهل البدعة: إن جاز على ملك الموت جاز عليه العمى، قال بعض العلماء: إن الله جعل الملائكة أن تتصور بما شاءت من الصور المختلفة ألا ترى أن جبريل أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - في صورة دحية الكلبي ، ومرة في صورة أعرابي، ومرة أخرى وقد سد بجناحيه ما بين الأفق. وقال تعالى: فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا قيل: إن جبريل تصور بصورة رجل، وهذه الصور التي تنتقل تمثيلات فاللطمة أذهبت العين الذي هي تمثيل.

وقول من قال: معنى اللطمة إلزام الحجة. غلط، لأن في الخبر أنه عرج إلى ربه فرد عليه عينه، ولا يكون هذا إلا في عين هي حقيقة لأن العين التي ليست بحقيقة لا تحتاج إلى ردها.

وقوله اللطمة: إلزام الحجة لو كانت اللطمة إلزام الحجة لم يعد [ ص: 409 ] إلى قبض روحه لأن الحجة قد لزمته في ترك قبض روحه كلما عاد ليقبض روحه.

التالي السابق


الخدمات العلمية