في بيان التوحيد والتشبيه
التوحيد على وزن التفعيل، وهو مصدر وحدته توحيدا، كما تقول: كلمته تكليما، وهذا النوع من الفعل يأتي متعديا إلا أحرفا جاءت لازمة وهي قولهم: روض الروض إذا تم حسنه ونضارته، ودوم الطائر إذا حلق في الهواء، وصرح الحق أي: ظهر وانكشف، وبين الشيء بمعنى تبين، وصوح النبت إذا هاج ويبس، وغلس فلان إذا جاء بغلس، ولهذا الفعل معنيان:
أحدهما: تكثير الفعل وتكريره والمبالغة فيه كقولهم: كسرت الإناء، وغلقت الأبواب وفتحتها، والوجه الثاني: وقوعه مرة واحدة كقولهم: غديت فلانا وعشيته، وكلمته .
ومعنى وحدته: جعلته منفردا عما يشاركه أو يشبهه في ذاته وصفاته، والتشديد فيه للمبالغة أي: بالغت في وصفه بذلك. وقيل: الواو فيه مبدلة من الهمزة، والعرب تبدل الهمزة من الواو، وتبدل الواو من الهمزة كقولهم وشاح وأشاح، وتقول العرب: أحدهن لي وآحدهن لي أي: اجعلهن لي أحد عشر. ويقال: جاؤوا أحاد أحاد أي: واحدا واحدا، فعلى هذا: الواو في التوحيد أصلها الهمزة، قال الهذلي:
ليث الصريمة أحدان الرجال له صيد ومجتزئ بالليل هجاس
[ ص: 306 ] وتقول العرب: واحد وأحد ووحد ووحيد أي: منفرد، فالله -تعالى- واحد، أي: منفرد عن الأنداد والأشكال في جميع الأحوال.فقولهم: وحدت الله: من باب عظمت الله، وكبرته، أي: علمته عظيما وكبيرا، فكذلك وحدته: أي: علمته واحدا، منزها عن المثل في الذات والصفات.
قال بعض العلماء: وقيل: التوحيد العلم بالموحد واحدا لا نظير له: فإذا ثبت هذا فكل من لم يعرف الله هكذا فإنه غير موحد له. التوحيد: نفي التشبيه عن الله الواحد، وقيل: التوحيد نفي التشبيه عن ذات الموحد وصفاته،
وأما قال أهل اللغة: أشبه الشيء بالشيء وشابهه أي: صار مثله. وهذا الشيء شبه هذا وشبيهه ومشبهه ومشابهه. التشبيه: فهو مصدر شبه يشبه تشبيها، يقال: شبهت الشيء بالشيء أي: مثلته به، وقسته عليه، إما بذاته أو بصفاته، أو بأفعاله،