الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل

ذكر التابعين من أهل مكة والمدينة والكوفة والبصرة الذين قالوا القرآن كلام الله  

قال: أخبرنا هبة الله ، أنا عبيد الله بن محمد المقري ، نا أحمد بن خلف ، نا ابن جرير ، نا محمد بن أبي منصور الآملي ، نا الحكم بن محمد أبو مروان الآملي ، نا ابن عيينة قال: سمعت عمرو بن دينار يقول: أدركت مشايخنا والناس منذ سبعين سنة يقولون: القرآن كلام الله، منه بدا وإليه يعود.  

وروى عبد الرحمن بن أبي حاتم ، عن محمد بن عمار بن الحارث ، نا أبو مروان الطبري بمكة ، وكان فاضلا، نا سفيان بن عيينة ، عن عمرو بن دينار قال: سمعت مشيختنا منذ سبعين سنة يقولون: القرآن كلام الله، غير مخلوق .

[ ص: 337 ] قال محمد بن عمار : ومن مشيخته إلا أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ابن عباس ، وجابر -رضي الله عنهما-، وذكر جماعة.

قال هبة الله : وقد لقي عمرو بن دينار من تقدم ذكره من الصحابة، وممن جالس من التابعين ولقيهم، وأخذ منهم من علماء مكة من علية التابعين: عبيد بن عمير ، وعطاء ، وطاوس ، ومجاهد ، وسعيد بن جبير ، وعكرمة ، وجابر بن زيد ، فهؤلاء أصحاب ابن عباس -رضي الله عنه-.

ومن أهل المدينة : سعيد بن المسيب ، وعروة بن الزبير ، وأبو سلمة بن عبد الرحمن ، وسالم بن عبد الله بن عمر ، وعلي بن الحسين بن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، [ ص: 338 ] وابنه محمد بن علي ، ونافع بن جبير بن مطعم في خلق كثير يكثر تعدادهم.

وأما أهل البصرة : فروي عن الحسن ، وسليمان التيمي ، وأيوب السختياني .

ومن أهل الكوفة : سليمان الأعمش ، وحماد بن أبي سليمان . وقال أبو بكر بن أبي شيبة : لما أن جاءت المحنة إلى الكوفة قال أحمد بن يونس : الق أبا نعيم فقل له: فلقيت أبا نعيم ، فقال لي: إنما هو ضرب الأسياط. قال ابن أبي شيبة : فقلت: ذهب حديثنا عن هذا الشيخ، فقيل لأبي نعيم ، فقال: أدركت ثلثمائة شيخ كلهم يقولون: القرآن كلام الله غير مخلوق،  وإنما قال هذا قوم من أهل البدع كانوا يقولون: لا بأس برمي [ ص: 339 ] الجمار بالزجاج، ثم أخذ زره فقطعه، ثم قال: رأسي أهون علي من زري.

وقال أحمد بن سنان : لما امتحن أبو نعيم الفضل بن دكين ، وأحمد بن يونس وأصحابه ثبت أبو نعيم ، وقال: لقيت سبعمائة شيخ، ذكر الأعمش ، وسفيان وجماعتهم، ما سمعت أحدا منهم قال ذا القول، يعني: خلق القرآن إلا رجل واحد.

وقال سفيان بن عيينة : أدركت مشايخنا منذ سبعين سنة منهم: عمرو بن دينار يقولون: القرآن الكريم كلام الله ليس بمخلوق.  

ولقد لقي ابن عيينة نحوا من مائتي نفس من التابعين من العلماء، وأكثر من ثلثمائة من أتباع التابعين من أهل الحرمين والكوفة والبصرة والشام ومصر واليمن .

وقال عبد الله بن المبارك : سمعت الناس منذ تسعة وأربعين عاما يقولون: من قال: القرآن مخلوق؛ فامرأته طالق ثلاثا بتة   .

[ ص: 340 ] قال هبة الله: (وقد) لقي عبد الله بن المبارك جماعة من التابعين مثل: سليمان التيمي ، وحميد الطويل وغيرهما، وليس في الإسلام في وقته أكثر رحلة منه، وأكثر طلبا للعلم، وأجمعهم له، وأجودهم معرفة به، وأحسنهم سيرة، وأرضاهم طريقة، ولعله يروي عن ألف شيخ من أتباع التابعين، فأي إجماع يكون أقوى من هذا!.

التالي السابق


الخدمات العلمية