الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
301 - قال: وحدثنا الطبراني ، نا يوسف بن يعقوب القاضي ، نا أبو الربيع الزهراني ، ومحمد بن أبي بكر المقدمي قالا: نا حماد بن زيد ، نا معبد بن هلال العنزي قال: اجتمع رهط من أهل البصرة في هذا الحديث فانطلقنا إلى أنس بن مالك -رضي الله عنه- فتشفعنا بثابت ، فانطلقنا به إلى أنس وهو يصلي الضحى، فانتظرناه حتى فرغ، فأجلس ثابتا معه على سريره، فقال ثابت لأصحابه: لا تسألوه عن شيء، فقال: يا أبا حمزة إن إخوانك من أهل البصرة أتوك تحدثهم بحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الشفاعة، فقال أنس : حدثنا محمد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: " إذا كان يوم القيامة ماج الناس بعضهم في بعض، فيأتون آدم -عليه السلام- فيقال له: يا آدم اشفع إلى ربك -عز وجل- فيقول: لست لها، ولكن عليكم بإبراهيم خليل الله -عز وجل-، فيؤتى إبراهيم -عليه السلام- فيقول: لست لها، ولكن عليكم بموسى فهو كليم الله، فيأتون موسى فيقال له، فيقول: لست لها، ولكن عليكم بعيسى فهو روح الله وكلمته، فيأتون عيسى -عليه السلام- فيذكر له ذلك فيقول: لست لها، ولكن عليكم بمحمد -صلى الله عليه وسلم- فأوتى فأقول: أنا لها، فأنطلق فأستأذن على [ ص: 462 ] ربي -عز وجل-، فيؤذن لي عليه، فيقيمني فأقوم ويلهمني محامد لا أقدر عليها الآن فأحمده بتلك المحامد، ثم أخر له ساجدا، فيقال: يا محمد ارفع رأسك، وقل نسمع، وسل تعطه، واشفع تشفع، فأقول: أي رب أمتي، فيقال: انطلق فمن كان في قلبه مثقال شعيرة، وإما مثقال برة فأخرجه منها، فأنطلق فأفعل، ثم أعود فأحمده بتلك المحامد، ثم أخر له ساجدا فيقال لي: يا محمد ارفع رأسك، (قل نسمع)، وسل تعطه، واشفع تشفع، فأقول: أي رب أمتي (أمتي)، فيقال انطلق، فمن كان في قلبه مثقال خردلة من إيمان فأخرجه، فأنطلق فأفعل، ثم أرجع فأحمده بتلك المحامد، ثم أخر ساجدا، فيقال: يا محمد ارفع رأسك، قل نسمع، وسل تعط، واشفع تشفع، فأقول: أمتي أمتي، فيقال: انطلق فمن كان في قلبه أدنى أدنى أدنى من مثقال حبة من خردلة فأخرجه، قال: فأفعل.

فانتهى حديث أنس إلى ها هنا، فأقبلنا حتى إذا كنا بظهر الجبان. قلنا: هل لكم في الحسن وهو مستخف في منزل أبي خليفة؟ فدخلنا عليه فقلنا: يا أبا سعيد جئناك من عند أخيك أبي حمزة فلم نسمع بمثل حديث حدثنا به في الشفاعة، قال: هاتوا، كيف حدثكم فحدثناه حتى انتهينا إلى آخر حديثنا، فقلنا: ما زادنا على هذا، فقال: لقد حدثنا بهذا الحديث منذ عشرين سنة، فزادني الشيخ أمرا كثيرا قلنا: يا أبا سعيد حدثنا، فضحك أو تبسم، وقال: خلق الإنسان من [ ص: 463 ] عجل، إني لم أذكره إلا وأنا أريد أن أحدثكم. قال: ثم أجيء الرابعة فأقوم فأحمده بتلك المحامد، ثم أخر له ساجدا فيقال: يا محمد ارفع رأسك، قل تسمع، وسل تعط، واشفع تشفع،  فأرفع رأسي فأقول: أي رب ائذن لي فيمن قال: لا إله إلا الله. فيقال: ليس ذاك لك أو إليك، وعزتي وكبريائي وجبروتي وعظمتي لأخرجن منها من قال: لا إله إلا الله. قال: فأشهد على الحسن لقد حدثنا بهذا الحديث يوم سمعناه من أنس أنه سمعه منذ عشرين سنة
.

التالي السابق


الخدمات العلمية