الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل

ذكر من قال بالرؤية ومن نفاها  

فإن قيل: كيف يجوز أن يرى بالعين الفانية القديم الباقي؟ يقال له: لما جاز أن يسمع موسى بالأذن الفانية كلام القديم الباقي جاز أن يرى محمد -صلى الله عليه وسلم- بالعين الفانية القديم الباقي.

وقد استدل محمد بن إسحاق في رؤية محمد -صلى الله عليه وسلم- ربه -عز وجل- بابن عباس ، وأنس بن مالك ، وأبي ذر ، وكعب قال كعب : إن الله -عز وجل- قسم [ ص: 510 ] رؤيته وكلامه بين موسى ومحمد -صلى الله عليهما- فرآه محمد مرتين، وكلمه موسى مرتين.

قال محمد بن إسحاق : أكثر ما في هذا الباب أن عائشة وأبا ذر ، وابن عباس ، وأنس بن مالك -رضي الله عنهم- قد اختلفوا هل رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- ربه –عز وجل-  قالت عائشة : لم يره .

وقال أبو ذر ، وابن عباس وأنس: قد رآه، والنفي لا يوجب علما، والإثبات هو الذي يوجب العلم، ولم تقل عائشة -رضي الله عنها- أنها سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: " لم أر ربي، وإنما تأولت قوله: لا تدركه الأبصار ، وقوله: وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب . وقوله: لا تدركه الأبصار يحتمل أن يكون معناه: نفي الإدراك.

وقال بعضهم: نحن لا نقول إنا نرى ربنا في الدنيا بالأبصار، لكنا نقول: إن محمدا -صلى الله عليه وسلم- رأى ربه دون سائر الخلق، ولفظ الأبصار يقع على أبصار جماعة لا على بصر واحد.

وأما قوله: وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا ، فلم يقل أبو ذر ، وابن عباس ، وأنس إن الله كلمه في ذلك الوقت الذي كان يرى ربه -عز وجل-، فمن قال: إن محمدا رأى ربه لم يخالف قوله: وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا هذا قول بعض العلماء.

[ ص: 511 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية