فصل في وجوه القرآن
134 - عن ، عن علي بن أبي طلحة - رضي الله عنه - في قوله تعالى: ابن عباس هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات . فالمحكمات: ناسخه وحلاله، وحرامه وحدوده، وفرائضه وما يؤمن به ويعمل به.
قال: وأخر متشابهات . فالمتشابهات: منسوخه، ومقدمه، ومؤخره وأمثاله، وأقسامه، وما يؤمن به ولا يعمل به.
[ ص: 181 ] فأما المؤمنون فيقولون: كل من عند ربنا . محكمه ومتشابهه، وأما الذين في قلوبهم زيغ من أهل الشك، فيحملون المحكم على المتشابه، والمتشابه على المحكم، ويلبسون فيلبس الله عليهم .
135 - وعن عن أبي صالح - رضي الله عنه - قال: ابن عباس أنزل القرآن على [ ص: 182 ] أربعة أوجه: حلال وحرام لا يسع أحدا جهالتها، ووجه عربي: يعرفه العرب، ووجه تأويل: يعلمه العلماء، ووجه تأويل: لا يعلمه إلا الله عز وجل ، من انتحل فيه علما فقد كذب.
136 - وعن - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ابن مسعود " كان الكتاب الأول ينزل من باب واحد على حرف واحد، ونزل القرآن من سبعة أبواب على سبعة أحرف: زاجر، وآمر، وحلال وحرام، ومحكم، ومتشابه، وأمثال، فأحلوا حلاله وحرموا حرامه، وافعلوا ما أمرتم به، وانتهوا عما نهيتم عنه، واعتبروا بأمثاله، واعملوا بمحكمه، وآمنوا بمتشابهه، وقولوا آمنا به كل من عند ربنا " .
137 - وروي عن - رضي الله عنه - قال: عبد الله بن عمرو جلست من النبي - صلى الله عليه وسلم - مجلسا ما جلست مجلسا أغبط عندي منه، خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقوم يتجادلون بالقرآن على باب حجرته، فخرج محمرا وجهه، فقال: " بهذا ضلت الأمم قبلكم، جادلوا بالكتاب وضربوا بعضه ببعض، إن القرآن لم ينزل يكذب بعضه بعضا، ولكن نزل يصدق بعضه بعضا، فما كان من حلال فاعملوا به، وما كان من حرام فانتهوا عنه واتركوه، وما كان من متشابه فآمنوا به ".
138 - وعن عبد الرحمن بن أبزى قال: لما وقع الناس في أمر عثمان قلت [ ص: 183 ] لأبي بن كعب: يا أبا المنذر ما المخرج؟ قال: كتاب الله، ما استبان لك فاعمل به وانتفع به، وما اشتبه عليك فآمن به، وكله إلى عالمه.
139 - وعن عطاء ، عن - رضي الله عنه - قال: لا تضربوا القرآن بعضه ببعض، فإن ذلك يوقع الشك في قلوبهم. ابن عباس
ففي هذه الأحاديث أمر بالاتباع، ونهي عن الكف عن المشتبهات .
140 - سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الساعة: فأمسك عن الجواب حتى نزلت: يسألونك عن الساعة أيان مرساها فيم أنت من ذكراها .
وقال: يسألونك كأنك حفي عنها قل إنما علمها عند الله . وقال: إنما علمها عند ربي .
141 - وروي نهينا عن التنطع والتعمق والغلو في الدين، فإذا كان التنطع [ ص: 184 ] مذموما في أمر الدين، ففي شأن الرب وصفاته كان الكراهة فيه أكثر.