الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل في وجوه القرآن

134 - عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس - رضي الله عنه - في قوله تعالى: هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات . فالمحكمات: ناسخه وحلاله، وحرامه وحدوده، وفرائضه وما يؤمن به ويعمل به.

قال: وأخر متشابهات . فالمتشابهات: منسوخه، ومقدمه، ومؤخره وأمثاله، وأقسامه، وما يؤمن به ولا يعمل به.

[ ص: 181 ] فأما المؤمنون فيقولون: كل من عند ربنا . محكمه ومتشابهه، وأما الذين في قلوبهم زيغ من أهل الشك، فيحملون المحكم على المتشابه، والمتشابه على المحكم، ويلبسون فيلبس الله عليهم .

135 - وعن أبي صالح عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال: أنزل القرآن على [ ص: 182 ] أربعة أوجه: حلال وحرام لا يسع أحدا جهالتها، ووجه عربي: يعرفه العرب، ووجه تأويل: يعلمه العلماء، ووجه تأويل: لا يعلمه إلا الله عز وجل ، من انتحل فيه علما فقد كذب.  

136 - وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " كان الكتاب الأول ينزل من باب واحد على حرف واحد، ونزل القرآن من سبعة أبواب على سبعة أحرف: زاجر، وآمر، وحلال وحرام، ومحكم، ومتشابه، وأمثال، ‌فأحلوا ‌حلاله وحرموا حرامه، وافعلوا ما أمرتم به، وانتهوا عما نهيتم عنه، واعتبروا بأمثاله، واعملوا بمحكمه، وآمنوا بمتشابهه، وقولوا آمنا به كل من عند ربنا "   .

137 - وروي عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنه - قال: جلست من النبي - صلى الله عليه وسلم - مجلسا ما جلست مجلسا أغبط عندي منه، خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقوم يتجادلون بالقرآن على باب حجرته، فخرج محمرا وجهه، فقال: " بهذا ضلت الأمم قبلكم، جادلوا بالكتاب وضربوا بعضه ببعض، إن القرآن لم ينزل يكذب بعضه بعضا، ولكن نزل يصدق بعضه بعضا، فما كان من حلال فاعملوا به، وما كان من حرام فانتهوا عنه واتركوه، وما كان من متشابه فآمنوا به ".  

138 - وعن عبد الرحمن بن أبزى قال: لما وقع الناس في أمر عثمان قلت [ ص: 183 ] لأبي بن كعب: يا أبا المنذر ما المخرج؟ قال: كتاب الله، ما استبان لك فاعمل به وانتفع به، وما اشتبه عليك فآمن به، وكله إلى عالمه.

139 - وعن عطاء ، عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال: لا تضربوا القرآن بعضه ببعض، فإن ذلك يوقع الشك في قلوبهم.

ففي هذه الأحاديث أمر بالاتباع، ونهي عن الكف عن المشتبهات .

140 - سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الساعة: فأمسك عن الجواب حتى نزلت: يسألونك عن الساعة أيان مرساها فيم أنت من ذكراها .

وقال: يسألونك كأنك حفي عنها قل إنما علمها عند الله . وقال: إنما علمها عند ربي
.

141 - وروي نهينا عن التنطع والتعمق والغلو في الدين، فإذا كان التنطع [ ص: 184 ] مذموما في أمر الدين، ففي شأن الرب وصفاته كان الكراهة فيه أكثر.

التالي السابق


الخدمات العلمية