فصل
142 - روي عن - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أبي هريرة " لا يزالون يسألون حتى يقال لأحدكم هذا الله خلقنا، فمن خلق الله؟ " .
قال - رضي الله عنه - فإني جالس ذات يوم، إذ جاءني رجل من أبو هريرة أهل العراق فقال : يا أبا هريرة: هذا الله خلقنا فمن خلق الله؟ قال - رضي الله عنه -: فجعلت إصبعي في أذني ثم صرخت، صدق الله ورسوله، الله الواحد الصمد، لم يلد، ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد. أبو هريرة
143 - وعن - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: أبي هريرة " إن الله عز وجل قال: كذبني ابن آدم ولم ينبغ له أن يكذبني، وشتمني ابن آدم وما ينبغ له أن يشتمني، فأما تكذيبه إياي فقوله: لن يعيدني كما بدأني وليس أول الخلق أهون علي من إعادته. وأما شتمه إياي فقوله: اتخذ الله ولدا، وأنا الله أحد، الله الصمد، لم ألد، ولم [ ص: 185 ] أولد، ولم يكن لي كفوا أحد ".
ففي الحديث دليل أن وتكذيب الله هو جحود ما قاله وهو كفر، وشتمه أن يصفه بما لا يليق به، فالسكوت في هذا الباب أقرب إلى السلامة، والمتكلم فيه بغير علم أقرب إلى المقت والملامة. نسأل الله العصمة . القول في صفات الله وأسمائه بغير ما وصف الله به نفسه، قد يؤدي إلى الكفر،
144 - روي عن قال: كنا جلوسا عند الأصبغ بن نباتة - رضي الله عنه - فأتاه يهودي فقال: يا أمير المؤمنين متى كان الله؟ فقمنا إليه فلهزناه حتى كدنا نأتي على نفسه، فقال علي بن أبي طالب علي - رضي الله عنه -: خلوا عنه، ثم قال: اسمع يا أخا اليهود ما أقول لك بأذنك، واحفظه بقلبك فإنما أحدثك عن كتابك الذي جاء به موسى بن عمران - عليه السلام -، فإن كنت قد قرأت كتابك وحفظته، فإنك ستجده كما أقول. إنما يقال: متى كان لمن لم يكن، ثم كان، فأما من لم يزل بلا كيف يكون، كان بلا كينونة كائن ، لم يزل بلا كيف كان ، لم يزل قبل القبل، وبعد البعد، لا يزال بلا كيف، ولا غاية، ولا منتهى إليه غاية، انقطعت دونه الغايات، وهو غاية كل غاية، فبكى [ ص: 186 ] اليهودي فقال: والله يا أمير المؤمنين إنها لفي التوراة هكذا حرفا حرفا، وإني أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، وأسلم وحسن إسلامه.
قال أهل السنة: مع تحقيقنا أن صفاته لا يشبهها صفات، وذاته لا يشبهها ذات، وقد نفى الله تعالى عن نفسه التشبيه بقوله: نصف الله بما وصف به نفسه، ونؤمن بذلك إذ كان طريق الشرع الاتباع لا الابتداع، ليس كمثله شيء . فمن شبه الله بخلقه فقد كفر، وأثبت لنفسه صفات فقال وهو السميع البصير . وليس في إثبات الصفات ما يفضي إلى التشبيه، كما أنه ليس في إثبات الذات ما يفضي إلى التشبيه، وفي قوله: ليس كمثله شيء دليل على أنه ليس كذاته ذات، ولا كصفاته صفات.