فصل
وكل كتاب أنزله الله على أنبيائه من التوراة، والإنجيل، والزبور، وصحف والقرآن كلام الله غير مخلوق، إبراهيم، وشيث عليهم السلام كلام الله غير مخلوق تكلم به كما شاء من غير كيفية، ولا طريق لنا إلى معرفة كيفية ذلك إنما علمنا أنه كلام تكلم به، لأنه أخبرنا تعالى بذلك فقال: وكلم الله موسى تكليما . وقال إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي . وقال: وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ولا يجوز أن يقال: حتى يسمع كلام الله لأنه قال: حتى يسمع كلام الله، والذي يسمع إنما هو الكلام، وأما الحكم فإنما يقال: حتى يعلم حكم الله.
وقال تعالى: ألم يروا أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلا . فدل على أن من هذا سبيله لا يتكلم، ولا يهدي للطريق.
[ ص: 293 ] وقال عز وجل للملائكة. إني جاعل في الأرض خليفة فأجابوه .
أتجعل فيها من يفسد فيها فقال: إني أعلم ما لا تعلمون . ولا يحسن هذا القول من غير الله تعالى.
وقال عز وجل: وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم بنون العظمة فمن يقول هذا غير الله تعالى؟
وقال: وما تلك بيمينك يا موسى فأجابه موسى - عليه السلام -: هي عصاي . فقال له: ألقها يا موسى . فمن يقول هذا غير الله؟
وقال: إني أنا ربك فاخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى . وقال: يا موسى لا تخف إني لا يخاف لدي المرسلون . وقال: يا موسى أقبل ولا تخف إنك من الآمنين . وقال يا موسى إني أنا الله رب العالمين . وهذا كله لا يتصور أن يكون به غير الله ومثل هذا في القرآن كثير .
[ ص: 294 ]