الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
301 - وأخبرنا أبو المظفر ، أنا أبو علي الشافعي ، نا ابن فراس ، نا الديبلي ، نا سعيد بن عبد الرحمن ، نا ابن عيينة ، عن الوليد بن كثير ، عن ابن تدرس ، عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها أنهم قالوا لها: ما أشد ما رأيت المشركين بلغوا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقالت: كان المشركون قعودا في المسجد الحرام فتذكروا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وما يقول في آلهتهم، فبينا هم كذلك إذ دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المسجد فقاموا إليه، وكان إذا سألوه عن شيء صدقهم فقالوا: ألست تقول في آلهتنا كذا وكذا؟ قال: بلى. قال: فتشبثوا به بأجمعهم فأتى الصريخ إلى أبي بكر - رضي الله عنه - فقيل له: أدرك صاحبك فخرج أبو بكر - رضي الله عنه -، ودخل المسجد فوجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والناس مجتمعون عليه فقال: ويلكم أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله، وقد جاءكم بالبينات من ربكم؟ قالت: فلهوا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأقبلوا على أبي بكر قالت: فرجع إلينا فجعل لا يمس شيئا من غدائه إلا جاء معه وهو يقول: تباركت يا ذا الجلال والإكرام.

أخبرنا أبو المظفر ، أنا أبو علي ، نا ابن فراس ، نا الديبلي ، نا المخزومي ، نا ابن عيينة ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه أن أبا بكر الصديق - رضي الله عنه - أعتق سبعة كلهم يعذب في الله:  بلال ، وعامر [ ص: 322 ] بن فهيرة ، والنهدية وابنتها، وزنيرة، وأم عميس، وأمة بني المؤمل، وزاد سفيان ، وأما زنيرة فكانت رومية وكانت لبني عبد الدار بن قصي، فلما أسلمت عميت فقالوا: أعمتها اللات والعزى. فقالت: هي تكفر باللات والعزى فرد إليها بصرها.

وأما بلال فاشتراه وهو مدفون بالحجارة فقالوا: لو أبيت إلا أوقية واحدة لبعناكه، فقال أبو بكر - رضي الله عنه -: لو أبيتم إلا مائة أوقية لأخذته، وفيه نزلت: وسيجنبها الأتقى الذي يؤتي ماله يتزكى . إلى آخرها.

قال: وأسلم أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - وله أربعون ألفا فأنفقها كلها في سبيل الله تعالى.

[ ص: 323 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية