الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل

قال سبحانه وتعالى: بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ وقال: إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون وقال تعالى: في صحف مكرمة مرفوعة مطهرة وقال: بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم . وقال: والطور وكتاب مسطور في رق منشور وقال: نزل به الروح الأمين على قلبك أخبر أنه يجوز أن يكون كلامه في الألواح، والمصاحف، وأن يكون موجودا في القلوب، والصدور.

وقال: فإنما يسرناه بلسانك ، وقال: ولقد يسرنا القرآن للذكر وقال: يسمعون كلام الله ثم يحرفونه يعني يسمعون كلام الله من لسان محمد - صلى الله عليه وسلم -.

وقال: فأجره حتى يسمع كلام الله ، وقال تعالى: [ ص: 450 ] لا تحرك به لسانك لتعجل به

فهو على عرشه، وكلامه يجري على ألسنتنا، وهو محفوظ في قلوبنا مكتوب مرئي كما قال: إن الله تعالى لا كيفية له فكذلك كلامه لا مثل له، وصفاته لا كيفية لها.  

فإن قيل: كل مرئي بالعين لا بد من كيفيته. قلنا: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى ربه ليلة المعراج، ولم يقدر أن يصفه بكيفية. لأن من لا كيفية له لا يوصف بالكيف، وكذلك يرى الله تعالى المؤمنون في الآخرة فلا يقدرون أن يصفوه بكيفية .

فإن قيل: إنا نرى المصاحف تحرق، والسواد يمحى، ويغسل. قيل: المحو والغسل إذا حصل لم يكن واقعا على صفات لربنا عز وجل، لأن الله عز وجل يظهر صفته كيف يشاء، يشاء مرة على الألسنة، ومرة في المصاحف والله تعالى لا مثل له وكلامه لا مثل له، وليس إلى الخوض في آياته وصفاته بالعقول سبيل، عصمنا الله من القدح، والخوض فيما لا نحيط به علما بفضله ورحمته.

التالي السابق


الخدمات العلمية