فصل 
وأما من قال : اعتمر في شوال ، فعذره ما رواه مالك  في " الموطأ " ، عن  [ ص: 119 ]  هشام بن عروة  ، عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لم يعتمر إلا ثلاثا ، إحداهن في شوال واثنتين في ذي القعدة  ) . 
ولكن هذا الحديث مرسل ، وهو غلط أيضا ، إما من هشام  ، وإما من عروة  أصابه فيه ما أصاب  ابن عمر   . وقد رواه أبو داود  مرفوعا عن  عائشة  ، وهو غلط أيضا لا يصح رفعه . قال  ابن عبد البر   : وليس روايته مسندا مما يذكر عن مالك  في صحة النقل . قلت : ويدل على بطلانه عن  عائشة  أن  عائشة   وابن عباس  ،  وأنس بن مالك  قالوا : ( لم يعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا في ذي القعدة   ) وهذا هو الصواب ، فإن عمرة الحديبية  وعمرة القضية ، كانتا في ذي القعدة ، وعمرة القران إنما كانت في ذي القعدة ، وعمرة الجعرانة  أيضا كانت في أول ذي القعدة ، وإنما وقع الاشتباه أنه خرج من مكة  في شوال للقاء العدو ، وفرغ من عدوه ، وقسم غنائمهم ، ودخل مكة  ليلا معتمرا من الجعرانة  ، وخرج منها ليلا ، فخفيت عمرته هذه على كثير من الناس ، وكذلك قال محرش الكعبي   . والله أعلم . 
				
						
						
