( 4461 ) فصل : ولا خلاف بين أهل العلم في استحباب التسوية ، وكراهة التفضيل    . قال  إبراهيم    : كانوا يستحبون أن يسووا بينهم حتى في القبل . إذا ثبت هذا ، فالتسوية المستحبة أن يقسم بينهم على حسب قسمة الله تعالى الميراث ، فيجعل للذكر مثل حظ الأنثيين 
وبهذا قال  عطاء  ،  وشريح  ، وإسحاق  ،  ومحمد بن الحسن    . قال  شريح  لرجل قسم ماله بين ولده : ارددهم إلى سهام الله تعالى وفرائضه . وقال  عطاء    : ما كانوا يقسمون إلا على كتاب الله تعالى . وقال  أبو حنيفة  ،  ومالك  ،  والشافعي  ،  وابن المبارك    : تعطى الأنثى مثل ما يعطى الذكر ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبشير بن سعد    : " سو بينهم " . وعلل ذلك بقوله 
{   : أيسرك أن يستووا في برك ؟ . قال : نعم . قال : فسو بينهم   } . والبنت كالابن في استحقاق برها ، وكذلك في عطيتها . وعن  ابن عباس  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {   : سووا بين أولادكم في العطية ، ولو كنت مؤثرا لأحد لآثرت النساء على الرجال   } . رواه سعيد  في " سننه " . ولأنها عطية في الحياة ، فاستوى فيها الذكر والأنثى ، كالنفقة والكسوة . ولنا أن الله تعالى قسم بينهم ، فجعل للذكر مثل حظ الأنثيين ، وأولى ما اقتدى بقسمة الله ، ولأن العطية في  [ ص: 389 ] الحياة أحد حالي العطية ، فيجعل للذكر منها مثل حظ الأنثيين ، كحالة الموت . يعني الميراث 
يحققه أن العطية استعجال لما يكون بعد الموت ، فينبغي أن تكون على حسبه ، كما أن معجل الزكاة قبل وجوبها يؤديها على صفة أدائها بعد وجوبها ، وكذلك الكفارات المعجلة ، ولأن الذكر أحوج من الأنثى ، من قبل أنهما إذا تزوجا جميعا فالصداق والنفقة ونفقة الأولاد على الذكر ، والأنثى لها ذلك ، فكان أولى بالتفضيل ; لزيادة حاجته ، وقد قسم الله تعالى الميراث ، ففضل الذكر مقرونا بهذا المعنى فتعلل به ، ويتعدى ذلك إلى العطية في الحياة . 
وحديث بشير  قضية في عين ، وحكاية حال لا عموم لها ، وإنما ثبت حكمها فيما ماثلها ، ولا نعلم حال أولاد بشير  ، هل كان فيهم أنثى أو لا ؟ ولعل النبي صلى الله عليه وسلم قد علم أنه ليس له إلا ولد ذكر . ثم تحمل التسوية على القسمة على كتاب الله تعالى . ويحتمل أنه أراد التسوية في أصل العطاء ، لا في صفته ، فإن القسمة لا تقتضي التسوية من كل وجه وكذلك الحديث الآخر ، ودليل ذلك قول  عطاء    : ما كانوا يقسمون إلا على كتاب الله تعالى . وهذا خبر عن جميعهم ، على أن الصحيح من خبر  ابن عباس  أنه مرسل . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					