الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
مكاتب قتل ثلاثة أنفس خطأ فقضى لأحدهم بثلث قيمته ، ثم إن أحد الآخرين وهب جنايته للمكاتب ، ثم عجز المكاتب قال يباع ثلثه في دين المقضي له ; لأن حقه بقضاء القاضي تحول إلى ثلث القيمة دينا في ثلث المالية ، ثم يباع الثلث في دينه بعد العجز ويدفع المولى ثلثه إلى الثالث ويبقى ثلثه للمولى لا حق لهما فيه ; لأن القاضي حين قضى لأحدهم بثلث القيمة ، فقد قضى بالقيمة بينهم أثلاثا إلا أن حق الثاني لم يتحول إلى القيمة بعد ، فإن عجز دفع المولى إليه من العبد بمقدار حقه ، وهو الثلث والثلث منه كان حق الواهب ، وقد أسقطه بالهبة فيبقى للمولى .

( ألا ترى ) أن عبدا لو جنى جنايتين فعفا أحدهما عن جنايته كان نصفه للسيد لهذا المعنى إذ حق كل واحد منهما في نصفه فحصة العافي تسلم للمولى ، وفي حصة الآخر يخاطب المولى بالدفع أو الفداء .

وكذلك إن كان المكاتب جنى جنايتين فعفا أحدهما عنه وقضى للآخر بحقه ، ثم عجز بيع للآخر نصفه في دينه منه ويبقى العبد سالما للمولى ، وهو حصة العافي ، وكذلك إن كان في يد المكاتب مال يفي بدين المقضي له قضى دينه ويبقى سالما للمولى إن كان الآخر قد عفا ، وإن لم يكن عفا خوطب المولى بدفع نصيبه إليه أو الفداء ، وإن كان ما في يده لا يفي بحق المقضي له بذلك ، ثم بيع بقدر نصيبه ثلثا كان أو نصفا فيما بقي له من الدين ، فإن كان عليه دين سوى ذلك تحاصا في هذا المال لاستواء حقهما فيه ، ثم يباع ما بقي من العبد في دين صاحب الدين ; لأن دينه تعلق بجميع الرقبة فلا يسلم شيء من الرقبة للمولى ما لم يصل إلى الغريم كمال حقه .

التالي السابق


الخدمات العلمية