الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وأما مدبر [ ص: 96 ] العبد الحربي المستأمن ، فإن كان دبره في دار الحرب ، ثم جنى العبد في دار الإسلام قيل للحربي ادفعه أو افده ; لأن التدبير في دار الحرب باطل بمنزلة الإعتاق ، فإن الحربي إذا أعتق عبده في دار الحرب كان عتقه باطلا ، وإذا أخرجه إلى دار الإسلام كان له أن يتبعه فكذا إذا دبره في دار الحرب كان له أن يتبعه في دار الإسلام .

وإن كان بمحل التبع يخاطب مولاه في جنايته بالدفع أو الفداء ، وإن كان دبره في دار الإسلام فهو بمنزلة مدبر الذمي ; لأن تدبيره في دار الإسلام صحيح كإعتاقه فيتعذر به دفع الرقبة ويلزمه القيمة بجنايته دينا عليه ، فإن دبره في دار الإسلام ، ثم لحق الحربي بدار الحرب والعبد في دار الإسلام ، ثم جنى جناية لم يكن على العبد منها شيء ; لأن موجب جناية المدبر القيمة دينا في ذمة مولاه والدين في ذمة الحربي لا تعلق له بمدبره ، فإن رجع الحربي بأمان أو مسلما أو أسلم أهل داره أخذه بقيمته كما يؤخذ بسائر الديون الواجبة عليه ، فإن سبي الحربي فالمدبر حر ; لأن نفسه تبدلت بالسبي من صفة المالكية إلى صفة المملوكية وذلك كموته حكما فيعتق به مدبره ; لأن الحرية حياة والرق تلف ولأنه بالرق خرج من أن يكون أهلا للملك فلا يبقى المدبر على ملكه ، ولا يتحمل النقل إلى غيره فيعتق لهذا والجناية تبطل ; لأنها كانت دينا عليه والحربي إذا سبي عليه دين يبطل ، وقد بينا هذا في المأذون .

وإن قتل المولى ولم يسب أو مات فالمدبر حر وليس عليه شيء من السعاية للمسلمين ، ولا لورثة الحربي ; لأن حكم الأمان باق في هذا المدبر ، ولا حرمة لحق ورثته من أهل الحرب فلا يجب على المدبر السعاية لحقهم ولكنه مدبر مات مولاه لا وارث له فيعتق كله من غير سعاية .

التالي السابق


الخدمات العلمية